الحمد لله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه هي الحلقة الخامسة عشرة في السيرة العطرة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الحلقة الثانية في موضوع الصلاة.
وأسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، اللهم اجعلها خالصة لوجهك الكريم، اللهم ثقل بها موازيننا، اللهم ثقل بها موازيننا، اللهم ثقل بها موازيننا، اللهم ثبت أقدامنا على الصراط يوم تزل الأقدام.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا غانماً سالماً رددته.
اللهم ارحم برحمتك ضعفنا، واكفنا شر ما أهمنا وما يهمنا، وعلى الإيمان التام والسنة توفنا وأنت راض عنا، اللهم تب على كل عاص، اللهم تب على كل عاص، اللهم تب على كل عاص، واهد كل ضال، اللهم اهد كل ضال، اللهم اهد كل ضال، واشف كل مريض، اللهم اشف كل مريض، اللهم اشف كل مريض.
اللهم فك كرب المكروبين، اللهم فك كرب المكروبين، واقض دين المدينين، وارحم موتانا وأموات المسلمين، واجعل -اللهم- برحمتك جمعنا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل بيننا -يا مولانا- شقياً ولا محروماً.
اللهم إنك تعلم أنه في كل قلب كل واحد منا كرب، فنفس كروبنا، اللهم إنك رزقتنا الإسلام من غير أن نسألك، فارزقنا الجنة ونحن نسألك، اللهم ارزقنا الجنة بدون سابقة عذاب، اللهم نجنا من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، واجعلنا من الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم اجعلنا من الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واجعل -اللهم- خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.
إن موضوع الصلاة له أهمية قصوى؛ لأن هذا الأمر جعله الرسول عماد الدين، فالصلاة عماد الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر).
وإن العلماء على رأيين في تارك الصلاة: فبعضهم يقول: إن تارك الصلاة المصر على تركها كافر، وبذا قال الإمام أحمد وغيره: إنه يفرق بينه وبين زوجته؛ لأن المرأة إن كانت تصلي فهي مسلمة.
فالإمام أحمد اعتبر تارك الصلاة كافراً، ولا يجوز زواج المسلمة بالكافر، وأما جمهور الفقهاء فعلى أن الذي لا يصلي إن عاد فصلى فإنه يعيد الصلوات التي فاتته.
وأهل الحجاز يتبعون ما قاله الإمام أحمد، فتارك صلاته عندهم كافر، فإن عاد فصلى فقد عاد إلى الإسلام، والإسلام يجب ما قبله.
ومثال الذي يصلي والذي لا يصلي كاثنين درساً في وقت واحد، وتوظفا، وأحيلا على المعاش، فأحدهما اسمه محمود والثاني اسمه محمد، وأحدهما مسلم والآخر نصراني، فمحمود النصراني عاش بين المسلمين يعامل الناس معاملة جيدة، ومضى عليهما ستون سنة، وفي يوم فوجئ صاحب محمود بأنه يصلي، فقال: ما الذي جرى يا محمود؟ فقال له: إني أنا كنت مقصراً ستين سنة، ولقد تبت، وإن دينكم جميل جداً، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وبدءا يصليان في وقت واحد، فمحمود ترك الصلاة عشرات السنوات ولم يصل أي فرض وأما محمد فعمله جار عليه بالصلاة منذ أول صلاة.
إن تارك الصلاة كافر على مذهب أحمد، ولهذا القول أدلته.
وأما الجمهور فقالوا: إما أن يكون تاركاً للصلاة جحوداً أو تاركاً لها تكاسلاً، فالمسلم الذي ترك الصلاة جحوداً منكر لها، فهذا كافر.
وأما إذا تركها تكاسلاً فقد قال أبو حنيفة احبسوه وعزروه حتى يصلي، فحين يأتي وقت الظهر يقال له: يا فلان! صل، وكذلك العصر والمغرب وسائر الفروض.
وأما الإمام الشافعي فيرى أنه يستحق القتل، فمتى ما قيل له: يا فلان! لماذا لا تصلي، وقال: لن أصلي؛ فإنه لم يمتثل لأوامر الله، وهذه قلة أدب، فيستحق القتل.
إذاً: الجمهور على أن تارك الصلاة جحوداً وإنكاراً كافر، مثل المسلمة غير المحجبة، فإن كانت منكرة للحجاب البتة، فإنه لو كان هناك حكم إسلامي لقطعت رقاب كثير من النساء.
وأما تارك للصلاة تكاسلاً، تقول له: لم لا تصلي؟! فيقول لك: نسأل الله أن يهدينا، عندي ضيوف، فهو لا يريد أن يصلي، ولكنه خجل من أن يقول لك: أنا لا أصلي.
فهذا يحكم بفسقه، والفاسق لا يشهد في المحكمة الإسلامية، فالقاضي يسأل عن الذي يشهد في المحكمة، ليعلم الذي يصلي والذي لا يصلي.
فالصلاة موقعها من الدين أنها العمود الأساسي أو الركن الأساسي في الدين، ولذلك جاء في الحديث أن عرى الإسلام سوف تنقض عروة عروة، فأولها الحكم وآخرها الصلاة.