إذا تليت عليه آيات الله زادته إيماناً

القلب السليم له علامات: أول علامة من علامات القلب السليم: أنه إذا تليت عليه آيات الله زادته إيماناً، ووجل وخاف، ورهب من الله عز وجل، سيدنا سلمان الفارسي فر من المدينة من أجل آية سمعها من فم الحبيب المصطفى، لم يستطع أن يلحقه ثلاثة أيام، قال له: أين كنت يا سلمان؟ قال له: آية سمعتها منك يا حبيب الله! وهي قوله تعالى: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان:65].

كان الصحابي منهم إذا مر بآية من آيات الجنة شم رائحة الجنة، فهذا سيدنا أنس بن النضر يمر عليه سعد بن معاذ فيقول له: يا سعد! والله إني لأشم رائحة الجنة دون أحد! ومن فضل الله علينا أن ربنا ما جعل للذنوب رائحة، قال الحسن البصري: احمدوا ربكم الذي لم يجعل من ذنوبكم رائحة، وإلا لما جلس مؤمن بجوار مؤمن.

تخيل أنت أن الذنوب لها رائحة! لكانت مصر كلها جيفة، ولكان بعضنا يغير بعضاً، فمن فضل الله أن جعل الستر علينا.

ومن فضل الله علينا أنه أخفى عن سمعنا عذاب أهل القبور، ولا يسمع عذاب أهل القبور إلا الحيوانات والطيور.

واسألوا أقاربكم الفلاحين، يمر أحدهم بالجاموسة التي لا تحلب من جنب القبر فترجع وتحلب هواء لشدة ما رأت وسمعت، والحمار الذي يمشي على شطر ويكون أعرج يمرون به من جنب المقابر فيجري بقوة من هول العذاب، فيصير فرساً سباقاً بسبب الذي يراه من العذاب! ولو كنا نحن نسمع العذاب لعير بعضنا بعضاً، ولسب بعضنا بعضاً، فمن ستر الله علينا وفضله لم يسمعنا العذاب، يسمع عذاب أهل القبور كل مخلوق إلا الثقلان: الإنس والجن، وكل شيء في الكون يسبح الله، حتى اللقمة التي تأكلها تقول: سبحان الله! أحد العلماء قعد مع صديق له عابد، ومع المريدين، فجعل يتلفت يميناً وشمالاً يريد أن يبصق فلم يجد مكان مناسباً للبصق، فقالوا له: مالك؟ قال: أريد أن أتخلص من الذي في فمي، فسمعت تسبيح الأرض، الرجل أعطاه الله كرامة فسمع هذا التسبيح، فلم يعزم أن يبصق في الشيء الذي يسبح.

وكان العالم الآخر أفقه منه، وفوق كل ذي علم عليم فبصق هذا العالم فجأة، فقال له: يا رجل! ألا تسمع التسبيح؟ قال له: سمعت مسبحاً في مسبح، كله يسبح مع بعض.

ولقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم تسبيح الحصى بين يديه، وهذا من معجزاته، وكذلك أبو بكر رضوان الله عليه قعد مرة يستجمر بحجارة بعدما قضى تبوله، فسمع تسبيح الحصى فرماها ثم أمسك واحدة أخرى فسمع التسبيح، أمسك الثالثة فقال: اللهم اصرف عن سمعي تسبيح الحصى الليلة فقط، فـ أبو بكر كان الله عنده في كل شيء!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015