الحمد لله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وآله، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه الحلقة الثالثة عشرة في سلسلة حلقاتنا في الحديث عن السيرة العطرة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم اجعل هذه الجلسة خالصة لوجهك الكريم، اللهم ثقل بها موازيننا يوم القيامة، اللهم ثقل بها موازيننا يوم القيامة، اللهم ثقل بها موازيننا يوم القيامة، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عيباً إلا سترته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا مسافراً إلا رددته غانماً سالماً لأهله، اللهم تب على كل عاص، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وارحم كل ميت، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
كما نسألك يا مولانا أن تشرح صدورنا، اللهم اشرح لنا صدورنا، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، اللهم توفنا على الإسلام، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
موضوع حلقة درس اليوم إن شاء الله هو: خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لدعوة أهل الطائف إلى الإسلام ثم رجوعه إلى مكة بعد أن لم يستجب له أهل الطائف، ثم عام الحزن بوفاة السيدة خديجة رضوان الله عليها، ووفاة عمه أبي طالب.
وسوف نتحدث بمشيئة الله عن رحلة الإسراء والمعراج وما فيها من حكم وعبر ودروس مستفادة، فنقول: أهل مكة وقفوا من الدعوة الإسلامية موقف العداء، وهذه سنة الله في خلقه، فإن الصراع الأزلي قائم بين الحق والباطل، وبين أهل الخير وأهل الشر.
وقلنا فيما مضى إنه وإن كان يقع بعض النصر المؤقت لأهل الباطل على أهل الحق، فإنه لا يصيب أهل الحق خوف طالما أنهم يوافقون الكتاب والسنة ويثقون ثقة مطلقة في نصر الله عز وجل، فسنة الله لا تتخلف في كونه أبداً؛ لأن القضية في الصراع بين الحق والباطل هو صبر وثبات أهل الحق على الحق، لكن الإنسان الذي لا يصبر لا نصر له، والإنسان السريع في غضبه والمتضايق من المصابرة والمثابرة لا يكون النصر حليفاً له.
ومثال ذلك: سيدنا نوح أول الدعاة على وجه الأرض عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، ومع ذلك كانت زوجه كافرة وابنه كافراً.
فإذا كانت زوجة سيدنا نوح وزوجة سيدنا لوط وابن سيدنا نوح كافرين؛ فلا تيأس من هداية زوجاتنا ولا نقنط من رحمة الله بنا؛ فقد كان عم النبي أبو لهب زوجة عم النبي أم جميل كافرين، وهي أخت أبي سفيان بن حرب وعمة معاوية بن أبي سفيان ومع ذلك لا نيأس من رحمة الله.
وأبو سفيان أتم الله له النعمة بالإسلام، وكذلك خالد بن الوليد أكره الله بالإيمان، وعكرمة بن أبي جهل أتم الله له الإيمان وصار صحابياً من أصحاب الحبيب عليه الصلاة والسلام، وقد كانوا من ألد أعداء الإسلام ثم هداهم الله، فلا نقنط من رحمة الله؛ لأن سيدنا علياً يقول: سبحانك! قطرة من فيض رضاك تملأ الأرض ريا، ونظرة من عين رضاك تقلب الكافر ولياً.
والماء الذي يصح الوضوء به لا يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه عند وقوع النجاسة فيه إذا كان الماء أكثر من قلتين كما ذكر الفقهاء.
فالماء نعمة مطلقة يجب أن نحمد الله عليها، وهي نعمة لا توازيها أي نعمة أخرى.
وأبو حازم نظر إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد وفي يده كوب من الماء، فقال له: يا أمير المؤمنين! لو منع عنك هذا الكوب من الماء بكم تشتريه؟ قال: بنصف ملكي، قال له: وإذا دخل هذا الماء إلى بطنك فلم يخرج منها فبكم ستخرجه؟ قال: بنصف ملكي الآخر.
قال: تباً لملك لا يساوي كوب ماء.
ومن فضل ربنا علينا أن جعل عضلة تتحكم في البول وتخرجه عندما تأتي الإشارات من المخ وتنبه العضلة على الإفراغ، فالمسلم عندئذ يقول: الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني وأبقى علي ما ينفعني.