لقي سفيان الثوري أبا حازم بعد أن دخل على أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور وقال: يا أمير المؤمنين! أنا أرحم بك من ابنك المهدي.
يقول له: أنا عالم أرحم بك وأعرف بمصلحتك وأحن عليك من ابنك المهدي.
وسفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث، ومعنى: (أمير المؤمنين في الحديث) أنه يحفظ ستمائة ألف حديث بأسانيدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه درجة في علم الحديث.
فلما لقي أبا حازم قال له: إني عاتب عليك يا أبا حازم، فقال: لماذا؟ قال: كيف تقول لـ أبي جعفر: ابنك المهدي.
يعني: أنه ولد ضائع لا يصلح أن يكون اسمه المهدي، فقال له: يا سفيان! كلنا مهدي.
أي: كلنا كان في المهد صغيراً.
يقول: أنا ليس قصدي أنه مهدي من الهداية، وإنما هو مهدي لأنه كان في المهد صبياً، وكلنا كان في المهد صبياً.
فانظر إلى الدقة في كلام هؤلاء.
وقعد أحمد بن حنبل يكلم واحداً من العلماء كان صاحباً له، وفي أثناء الكلام اقتلع نبتة من الأرض، فقال له: يا ابن حنبل! ارتكبت خمسة أخطاء: الأول: اقتلعت شيئاً يسبح بحمد الله.
الثاني: صنعت شيئاً لم تؤمر به.
والثالث: أن حديثك لغو، والمؤمن يعرض عن اللغو.
والرابع: شغلت نفسك بشيء غير ذكر الله عز وجل.
والخامس: أنك عالم يقتدى به، فالناس حين ترى أحمد بن حنبل يقتلع النبتة تصنع صنيعه.
فالذي يتصدى ليقول للناس: هذا حلال وهذا حرام عليه أن يحاول بقدر الاستطاعة أن يكون كما كان يدعو صلى الله عليه وسلم: وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت.
فاللهم أقمنا على طريقك يا أكرم الأكرمين.