البشرى التي بعدها: قصة سلمان الفارسي رضوان الله عليه، كان أبو سلمان أحد الموقدين للنار التي يعبدها الفرس، وذات مرة يمشي سيدنا سلمان، فيمر براهب في صومعة، فدخل عنده، فقال: ماذا تعمل؟ قال: إني أعبد الله، فآمن سلمان بالله الواحد، وفر من أبيه بعد أن قيده بالقيود، فالراهب قبل أن يموت بأيام قال له: يا سلمان ليس على دين الوحدانية أحد إلا راهب في أرض الموصل، فاذهب إلى أرض الموصل في العراق فاسأل عليه، وامكث عنده.
فذهب سلمان إلى هذا الرجل، فلما أوشكت أيامه على نهايتها قال له: يا سلمان لم يبق على دين الوحدانية إلا راهب بأرض الشام فاذهب إليه.
فهاجر سلمان؛ ولذلك يسمى سلمان في التاريخ: الباحث عن الحقيقة، فسافر سلمان إلى أن وصل إلى الراهب، فلما أدركت الراهب المنية قال له: يا سلمان لم يبق على دين الوحدانية أحد، ولكن أظلنا زمان النبي الخاتم، سوف يبعث ويهاجر إلى أرض كلها خضرة تسمى يثرب أو تسمى طيبة، فلما اتجه نحو يثرب أخذته جماعة من اليهود وباعوه، فمكث في يثرب يعمل فيها، وكان سلمان قد سمع من الراهب أن للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث علامات: يقبل الهدية، ولا يقبل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة.
فسمع سلمان وهو على النخلة يهودياً يقول لصاحبه اليهودي: لقد هاجر محمد من مكة إلى يثرب ووصل البارحة، ونزل في أرض بني النجار، فسيدنا سلمان من فرحته أوشك أن يقع من فوق النخلة، فذهب إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم وعمل له اختبارات.
أتى إليه فقدم له طعاماً، وقال: أنت رجل غريب، ولست في بلدك، وهذه صدقة مني إليك، فأزاح الرسول صلى الله عليه وسلم الصحفة بعيداً عنه، فقال سلمان: هذه واحدة، لا يأكل الصدقة.
ثم جاء في اليوم الثاني بطعام فقال له: هذه هدية، فمد الرسول صلى الله عليه وسلم ليأكل، قال: هذه الثانية.
وفي اليوم الثالث ظل يدور حول الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم، فالرسول فهم مراده فكشف عن كتفه فظهر خاتم النبوة، فأكب سلمان على الحبيب يقبله، وآمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال الحبيب: (سلمان منا آل البيت).