وأما السيدة رقية والسيدة أم كلثوم فلهما حديث آخر، فقد جاء أبو لهب ليخطبهما لولديه عتبة وعتيبة، فقال: يا ابن أخي! أريد أن أزوج عتبة وعتيبة أبناء عمك من بنات عمهن.
فقال: يا عماه! وهل يرفض لك طلب؟! فانتقلت السيدة رقية والسيدة أم كلثوم إلى بيت أبي لهب مع تحفظ السيدة خديجة على زواج رقية وأم كلثوم؛ لأنها تعرف أم جميل، فعاشت رقية وأم كلثوم في بيت أم جميل، وكانت امرأة سليطة اللسان، وكانت من أعلى بيوتات قريش، فأخوها هو أبو سفيان.
فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وانتشرت دعوته في مكة قالت أم جميل لولديها: لن تساكناني تحت سقف واحد وبنات محمد معكما.
فطلق عتبة وعتيبة رقية وأم كلثوم، وكان قصد أم جميل أن تشغل الرسول صلى الله عليه وسلم ببناته المطلقات عن أمر الدعوة، فهي تريد أن تزيد من مشاكله.
فعادت رقية وأم كلثوم، وفرحت السيدة خديجة بطلاق ابنتيها، هذا الطلاق الذي يقال فيه: ألف مبروك؛ لأن هناك طلاقاً تهنئ فيه، مثل أن يأتي إليك شخص ويحكي لك مشكلة عويصة جداً، ثم تحل له المشكلة بالطلاق، وبعد أن يطلق يقول لك: بارك لي يا فلان على الطلاق، نسأل الله أن يصلح ذات بين المسلمين.
وانظر إلى هذا الحديث وما أحسنه: (ليس منا من أفسد امرأة على زوجها)، يعني: عندما تكون في الشغل وعينك زائغة وتعيد الكلام، فزميلتك الموظفة تعجب بك وبتصنعك لها فتكره زوجها، ثم تسعى إلى فراقه بالطلاق لتتزوج بزميلها.
وهذه المشكلة حلها بأن تجلس الموظفة في بيتها.
في زمان أمي وأمك وجدتي وجدتك كانت المرأة لا ترى إلا زوجها فحياتها كلها لزوجها، فالرجل ما كان يستريح إلا بجوار زوجته، والزوجة ما كانت تستريح إلا بوجود زوجها، لكن هذه الأيام تغيرت الأمور وانقلبت الموازين.