فَإِنَّ الْأَصْرَمَيْنِ الذِّئْبُ وَالْغُرَابُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِقَطْعِهِمَا الْأَنِيسَ.
(صَرَى) الصَّادُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ. يُقَالُ: صَرَى الْمَاءَ يَصْرِيهِ، إِذَا جَمَعَهُ. وَمَاءٌ صَرًى: مَجْمُوعٌ. قَالَ:
رَأَتْ غُلَامًا قَدْ صَرَى فِي فَقْرَتِهْ ... مَاءَ الشَّبَابِ عُنْفُوَانُ شِرَّتِهْ
وَكَأَنَّ الصَّرَاةَ مُشْتَقَّةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ هَذَا. وَسُمِّيَتِ الْمُصَرَّاةُ مِنَ الشَّاءِ وَغَيْرِهَا لِاجْتِمَاعِ اللَّبَنِ فِي أَخْلَافِهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ. وَمَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِآخِرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» . وَيُقَالُ صَرَيْتُ مَا بَيْنَهُمْ: أَصْلَحْتُهُ، وَذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْكَلِمَةَ الْمُشَتَّتَةَ. وَتَقُولُ: صَرَيْتُ الرَّجُلَ، إِذَا مَنَعْتَهُ مَا يُرِيدُهُ. قَالَ:
وَلَيْسَ صَارِيَهُ ... عَنْ ذِكْرِهَا صَارِ
وَالْقِيَاسُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ إِذَا مُنِعَ الشَّيْءُ فَقَدْ حُبِسَ دُونَهُ وَجُمِعَ عَنْهُ، وَيَقُولُونَ: صَرَاهُ اللَّهُ، كَمَا يَقُولُونَ: وَقَاهُ، أَيْ لَا نَشَرَ أَمْرَهُ، بَلْ جَمَعَ مَالَهُ. وَصَرَى فُلَانٌ [فِي يَدِ فُلَانٍ، إِذَا بَقِيَ] فِي يَدِهِ رَهْنَا مَحْبُوسًا.