بضعة عشر مثلاً من أمثال العرب وما أنا أفسر ما أخاله يلتبس على من يقتسر. أما قوله (بطء فند) فهو مولى عائشة بنت سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وكانت بعثته بالمدينة ليقتبس لها ناراً فقصد من فوره مصر وأقام بها سنة ثم جاءها بعد السنة وهو يشتد ومعه جمر فتبدد منه فقال تعست الحجلة. وأما قوله (أنف في السماء واست في الماء) فيضرب هذا المثل لمن يكبر مقالاً ويصغر فعالاً. وأما قوله (افرغ من حجام ساباط) فذكر أنه كان حجاماً ملازماً ساباط المدائن. يحجم الجندي بدانق نسيئة وربما مرت عليه برهة لا يقرئه فيها حد فكان يبرز أمه عند تمادي عطلته فيحجمها لكيلاً يقرع بالبطالة فما زال يحجمها حتى نزف دمياً وماتت. وأما قوله (يشكو إلى غير مصمت) فهو مثل يضرب لمن لا يكترث بشأن صاحبه ولا يعبأ باستمرار شكايته لأنه لو أشكاه لصمت وأمسك عن الكلام ومنه قول الراجز يحاطب جملاً له
إنك لا تشكو إلى مصمت ... فاصبر على الحمل القبل لو مت
ونحو هذا المثل (هان على الأملس ما لاقى الدير) وأما قوله (شعلت شعابي حدواي) فالمراد به أنه ليس يفضل عني ما أصرفه إلى غيري والشعاب هي النواحي واحدها شعب. وقوله (كل الحذاء يحتذى الحافي الوقع) معناه أن المجهود يقنع بما يحد والوقع أن تصيب الحجارة القدم فتوهنها ف أما البعير الموقع فهو الذي يكثر آثار الكسر لظهره.
روى الحارثُ بنُ همّامٍ عنْ أبي زيدٍ السَّروجيّ قال: ما زِلْتُ مُذ رحَلْتُ عنْسي. وارتَحَلْتُ عنْ عِرْسي وغَرْسي. أحِنّ إلى عِيانِ البَصرَةِ. حَنينَ المظْلومِ الى النُصرَةِ. لِما أجمَعَ عليْهِ أرْبابُ