حكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: كنتُ أخذْتُ عنْ أولي التّجارِيبِ. أنّ السّفَرَ مِرآةُ الأعاجيبِ. فلمْ أزَلْ أجوبُ كلّ تَنوفَةٍ. وأقتَحِمُ كُلّ مَخوفَةٍ. حتى اجتَلَبْتُ كلّ أُطروفَةٍ. فمِنْ أحسَنِ ما لمحْتُهُ. وأغْرَبِ ما استَمْلَحْتُهُ. أنْ حضَرْتُ قاضيَ الرّملَةِ. وكانَ منْ أربابِ الدّولَةِ والصّولَةِ. وقد تَرافَعَ إليْهِ بالٍ في بالٍ. وذاتُ جَمالٍ في أسْمالٍ. فهمّ الشيخُ بالكلامِ. وتِبْيانِ المَرامِ. فمنعَتْهُ الفَتاةُ منَ الإفْصاحِ. وخسأتْهُ عنِ النُباحِ. ثمّ نضَتْ عنها فَضْلَةَ الوِشاحِ. وأنشدَتْ بلِسانِ السّليطَةِ الوَقاحِ:
يا قاضيَ الرّملَةِ يا ذا الذي ... في يدِهِ التّمرَةُ والجَمْرَهْ
إليْكَ أشْكو جوْرَ بعْلي الذي ... لمْ يحجُجِ البيتَ سوى مرّهْ