ثمّ قال: اللهُمّ كما جعلْتَنا ممّنْ هُدِيَ ويهْدي. فاجعَلهُمْ ممّنْ يهْتَدي ويُهْدي. فساقَ إليْهِ القومُ ذَوْداً معَ قَيْنَةٍ. وسألوهُ أن يَزورَهُمُ الفَينَةَ بعدَ الفَينةِ. فنهضَ يُمَنّيهِمِ العَوْدَ. ويُزَجّي الأمَةَ والذّوْدَ. قال الحارثُ بنُ همّامٍ: فاعْتَرَضْتُهُ وقلتُ لهُ عهْدي بكَ سَفيهاً. فمتى صِرْتَ فَقيهاً؟ فظلّ هُنيهَةً يَجولُ. ثم أنشدَ يقولُ:
لبِستُ لكُلّ زمانٍ لَبوسا ... ولابَستُ صَرْفَيهِ نُعمى وبوسَى
وعاشرْتُ كلَّ جَليسٍ بما ... يُلائِمُهُ لأروقَ الجَليسا
فعندَ الرُّواةِ أُديرُ الكلامَ ... وبينَ السُقاةِ أديرُ الكؤوسا
وطوْراً بوعْظي أسيلُ الدّموعَ ... وطوْراً بلَهْوي أسُرّ النّفوسا