مقامات الحريري (صفحة 281)

المقامة الواسطية

حكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: ألْجأني حُكمُ دهْرٍ قاسِطٍ. الى أنْ أنتَجِعَ أرضَ واسِطٍ. فقصَدْتُها وأنا لا أعرِفُ بها سكَناً. ولا أملِكُ فيها مسْكِناً. ولمّا حللْتُها حُلولَ الحوتِ بالبَيْداءِ. والشّعرَةِ البيضاء في اللِّمَةِ السّوداء. قادَني الحظُّ الناقِصُ. والجَدُّ النّاكِصُ. الى خانٍ ينزِلُهُ شُذّاذُ الآفاقِ. وأخْلاطُ الرّفاقِ. وهوَ لنَظافَةِ مكانِهِ. وظَرافَةِ سكّانِهِ. يرَغّبُ الغَريبَ في إيطانِهِ. ويُنسِيهِ هوَى أوطانِهِ. فاستَفْرَدْتُ منهُ بحُجرَةٍ. ولمْ أُنافِسْ في أُجرَةٍ. فما كان إلا كلَمْحِ طرْفٍ. أو خطّ حرْفٍ. حتى سمِعتُ جاري بيْتَ بيْتَ. يقولُ لنَزيلِهِ في البيتِ: قُمْ يا بُنيّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015