مقامات الحريري (صفحة 279)

فقلتُ: أتَحْسوها أمامَ النّومِ. وأنتَ إمامُ القوْمِ؟ فقال: مَهْ أنا بالنّهارِ خطيبٌ. وباللّيْلِ أطِيبُ! فقلتُ: واللهِ ما أدْري أأعْجَبُ من تسَلّيكَ عنْ أُناسِكَ. ومسقَطِ راسِكَ. أم منْ خِطابَتِكَ مع أدناسِكَ. ومَدارِ كاسِكَ؟ فأشاحَ بوجهِهِ عني. ثم قال اسمَعْ مني:

لا تبْكِ إلْفاً نأى ولا دارا ... ودُرْ مع الدّهرِ كيفَما دارا

واتّخِذِ الناسَ كُلّهُمْ سكَناً ... ومثّلِ الأرضَ كلّها دارا

واصْبِرْ على خُلْقِ مَنْ تُعاشِرُهُ ... ودارِهِ فاللّبيبُ منْ دارى

ولا تُضِعْ فُرصَةَ السّرورِ فما ... تدْري أيَوْماً تعيشُ أمْ دارا

واعْلَمْ بأنّ المَنونَ جائِلَةٌ ... وقدْ أدارَتْ على الوَرى دارا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015