ليكونَ أسرعَ لفَيْئَتِهِ. فانْطلَقَ معَهُ مضطَبِناً جِرابَه. ومُحَثْحِثاً إيابَه. فأبْطأ بُطْأَ جاوزَ حدّهُ. ثمّ عادَ الغُلامُ وحدَهُ. فقُلْنا له: ما عندَكَ من الحديث. عنِ الخبيثِ؟ فقال: أخذَ بي في طرُقٍ مُتعِبَةٍ. وسُبُلٍ متشعّبَةٍ. حتى أفضَيْنا الى دُوَيْرَةٍ خرِبَةٍ. فقال: هاهُنا مُناخي. ووكْرُ أفْراخي. ثمّ استَفْتَحَ بابَهُ. واختلَجَ مني جِرابَهُ. وقال: لَعمْري لقدْ خفّفْتَ عني. واستوْجَبْتَ الحُسْنى مني. فهاكَ نصيحةً هيَ منْ نفائِسِ النّصائحِ. ومغارِسِ المصالِحِ. وأنشدَ:
إذا ما حوَيْتَ جنى نخلَةٍ ... فلا تقْرُبَنْها الى قابِلِ
وإمّا سقَطْتَ على بيْدَرٍ ... فحوْصِلْ من السُنبلِ الحاصِلِ
ولا تلبَثَنّ إذا ما لقَطْتَ ... فتَنشَبَ في كفّةِ الحابِلِ
ولا توغِلَنّ إذا ما سبحْتَ ... فإنّ السّلامةَ في الساحِلِ