فقد نفع الله بهذا الإمام وبكتبه وبتلاميذه، منفعة عظيمة تثلج صدر كل صاحب سنة، فقد أحيا الله به معالم ما اندرس من السنن، وأقام به لواء التوحيد بعد ما كان الناس فيه من انحراف وبعد بسبب المناهج الفلسفية الفاسدة والطرق الصوفية المنحرفة فقمع البدعة وأحيا السنة ورجع بالناس إلى طريقة السلف من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وحارب كل بدعة مستحدثة في هذا الدين، وخلص الدين مما لحق به من أوضار، وشابه من فساد، وفند لكل فرقة من فرق الزيغ والضلال أقوالها وبين زيف آرائها. فكان بحق شيخ الإسلام وقدوة الأنام، وأحد المجددين لهذا الدين، على رغم أنف كل أشعري وماتريدي وصوفي ورافضي وباطني وملحد.

ولقد نذر هذا الإمام حياته كلها لخدمة هذا الدين والدفاع عن حياضه بلسانه وسنانه وبنانه وبيانه، وقد ترك لنا ثروة علمية امتلأت بها خزائن المكتبات وتداولها الناس في جميع الأقطار والأمصار.

وقد أصبحت مؤلفات هذا الإمام جامعة كبرى تتلمذ عليها أناس كثيرون، أصبحوا شموس علم ومنارات هداية من أمثال ابن القيم (751هـ) والذهبي (748هـ) والمزي (742هـ) وابن كثير (774هـ) ومحمد بن أحمد ابن عبد الهادي (744هـ) وغيرهم كثير.

ولا نزال إلى زماننا هذا نتتلمذ على تلك المؤلفات والتي تعتبر باعتراف الكثير من الباحثين هي منطلق الدعوة السلفية المعاصرة، التي بدء انطلاقها على يد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، الذي أحيا الله بدعوته المباركة ما اندرس من معالم السنن وكان بحق إماماً من أئمة الهدى، فقد دعا الناس إلى صراط الله المستقيم، وأرشدهم إلى الطريق القويم، فنفى عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015