واعلم أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر، والقنوت أمر ظاهر، لأنه دعاء ورفع يدين، فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله دائماً أو غالباً لنقله مَن كان ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم كعائشة رضي الله عنها، والله أعلم. وإنما أُخذت سُنية القنوت من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه الدعاء المأثور: «اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيكَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيتَ، وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ» (?)، -على القول بثبوت لفظة: «قنوت الوتر» - قال الحافظ في "التلخيص": "قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولكن عمر كان يقنت" (?)، وقال الإمام ابن خزيمة: "ولست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر ... " (?)،وقد ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يقنتون، فقد ورد عن عطاء، وقد سئل عن القنوت، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلونه (?). وكان ابن عمر لا يقنت إلا في النصف الآخر من رمضان (?).وقال الإمام الزهري: لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الآخر من رمضان (?). وقال الإمام أبو داود: قلت لأحمد: القنوت في الوتر السنة كلها؟ قال: إن شاء، قلت فما تختار؟ قال أما أنا فلا أقنت إلا في النصف الباقي، إلا أن أصلي خلف الإمام فيقنت، فأقنت معه (?). وعلى هذا فمداومة أئمة المساجد على القنوت في رمضان بحيث لا يتركونه إلا قليلاً يحتاج إلى دليل.