والحقنة الشرجية هي ما يعطى للمريض في الدبر وهي نوع معالجة وغسيل للأمعاء بضخ الماء وبعض الأدوية كما هو معروف وهذه المسألة ليست جديدة لكنها الآن أخذت صبغة علمية باعتبار أنها عمل طبي يعالج به وقد اختلف فيها أهل العلم قديماً وحديثاً على قولين: فمن أهل العلم من قال إنها تفطر لأنها تصل إلى الجوف وبتالي فإنها تفطر وذلك لما قررناه سابقاً من أن الجوف المقصود به المعدة والأمعاء لأنها موضع الامتصاص ومن أهل العلم من قال إنها لا تفطر واحتجوا على ذلك بأنه لا يحصل للإنسان بها نوع تغذية وإنما هي للتنظيف فلا يحصل منها غذاء فهي ليست أكلا ولا شربا ولا في معناهما وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية «وقبل أن نذكر ما هو الراجح في هذه المسألة أنبه بأن الأطباء يقولون إن الدبر متصل بما يسمى بالمستقيم ثم بعد ذلك القولون أو الأمعاء الغليظة والحقنة تكون في هذه المنطقة والأطباء يقولون إن امتصاص الغذاء يحصل أغلبه في المعدة وفي الأمعاء الدقيقة ويحصل منه امتصاص يسير للماء والأملاح والسكريات في الأمعاء الغليظة وبناء على ذلك فإن المريض إذا أعطي هذه الحقنة الشرجية أعزكم الله والتي تشتمل على السوائل والمحاليل وأمور طبية أنها تصل إلى هذه المنطقة التي يحصل بها الامتصاص وهي الأمعاء الغليظة ولهذا فالقول بالتفطير هو الأظهر والأرجح وقد أختار الشيخ محمد بن صالح العثيمين والشيخ أحمد الخليل -حفظه الله - في هذه المسألة أن ما يحقن في الدبر إذا تضمن الماء أو شيئا من المحاليل المغذية مثل الأملاح أو غيرها فإنه يحصل به الفطر أما إذا لم تشتمل هذه الحقنة إلا على أشياء دوائية فليس فيها سوائل ولا ماء ولا أملاح فإنها لا تفطر وعندي أن هذه الحقنة والله سبحانه وتعالى أعلم تفطر على كل حال مادام أنها تصل إلى الأمعاء الغليظة التي يحصل فيها الامتصاص فإن الأمعاء الغليظة ومراكز الامتصاص تمتص الدواء وتمتص الماء وهذه الأمور كلها مفطرة ولهذا والذي يظهر والله تعالى أعلم أن هذه الحقنة الشرجية مفطرة بهذا المعنى هذا هو الراجح أنشاء الله تعالى.

النازلة السابعة عشر: التحاميل الشرجية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015