مر معنا أن الجوف على التحقيق والراجح أن المقصود به المعدة وبالتالي فهذه الحقن العلاجية التي تؤخذ بالطرق الثلاث إذا عرفنا أنها لاتصل إلى المعدة بل تكون عن طريق الجلد أو عن طريق الدم وأنها لا تأخذ حكم الأكل ولا الشرب فيما يحصل بها من تقوية للبدن ونشاط وحيوية وغير ذلك فإننا نقول حينئذٍ إن الصيام ثابت بيقين وإن هذا الصيام الثابت بيقين لا يرتفع إلا بيقين مثله وهذه الحقن ليست من المفطرات التي نص الشرع على التفطير بها وليست في معناها ولهذا نقول إنها لا تفطر وبهذا قال أعضاء مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة فقد اتخذوا قراراً بالإجماع أن هذه الحقن لا تفطر وهو قول الشيخين ابن باز والعثيمين عليهما رحمة الله تعالى وقد ذكر الدكتور أحمد الخليل في مفطرات الصيام المعاصرة أنه لا يعرف أحداً قال بأن هذه تفطر وذلك لما سبق من التعليل فنعرف أنه لا بأس للصائم أن يعطى إبرة الأنسولين تحت الجلد أو المضاد الحيوي أو يعطى اللقاح وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء من قِبل وزارة الصحة بأنها تنوي القيام بحملات تطعيم ضد الحمى الشوكية على المدارس في نهار رمضان فهل يحصل الفطر بهذه الإبر فأفتت اللجنة الدائمة بأن هذا لا يفطر.

النازلة العاشرة: الحقن المغذية الوريدية.

وهي التي تعطى لبعض المرضى وتكون مؤلفة من محلول مائي يحتوي على السكر والأملاح والماء وربما أضيف إليه بعض العلاجات فهذه الإبر المغذية لا تنفذ إلى الجوف ولا تصل إلى المعدة وإنما هي إبر تعطى عن طريق الوريد فهي تدخل إلى الدم مباشرة فمن جهة وصولها إلى الجوف والمعدة فإنها لا تصل لكن يبقى أن هذه الإبر المغذية في معنى الأكل والشرب ولهذا تلاحظون أنه في بعض الأحيان عند المرضى قبيل العمليات الجراحية أو بعدها أو في بعض الحالات المرضية ربما يجلس المريض لساعات أو أيام يتغذى على هذه الإبر فقط لا يعطى أي طعام أو شراب وهذا يدل دلالة أكيدة على أنها في معنى الأكل والشرب ولهذا فمجمع الفقه الإسلامي وأكثر العلماء المعاصرين على أنها تفطر وذلك أنها وإن لم ينص على أنها من المفطرات إلا أنها في معنى المنصوص قد نص الكتاب الكريم والسنة النبوية على أن الصائم يفطر بالأكل والشرب {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط البيض من الخيط الأسود من الفجر} وفي الحديث" يدع طعامه وشرابه وشهوته " فالأكل والشرب منصوص على التفطير بهما وهذه الإبر في معنى المنصوص عليه ولهذا فإنه يحصل الفطر بها، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أنه لا يحصل الفطر بها لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا تنفذ إلى المعدة ولكن لا شك أن هذا قول ضعيف لأنها ليست أكلا ولا شربا ولكنها في معنى الأكل والشرب والمريض قد يستغني بها أياماً عن الأكل والشرب ولهذا فلا شك أن القول الراجح أنه إذا تعاطها المريض فإنه يفطر بذلك.

النازلة الحادية عشر: الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015