فمن أهل العلم من يقول إن هذا يقطع النية، والنية في العبادات يشترطُ استصحابها في بداية العبادة حقيقة وفي أثنائها حكماً. ومعنى يستصحبها حكماً أن لا يأتي بما يقطعها فلا يشترط أن يتذكرها كل الوقت فالإنسان في صلاته يسهو والإنسان في رمضان ينام والإنسان في الحج ينام ويغفو فالمقصود أن لا يأتي بما يقطعها، لا ينوي قطع الصيام ولا ينوي قطع الصلاة فإذا نوى قطع النية انقطعت فهذا هو المقصود بالاستصحاب الحكمي فا أصحاب هذا القول يقولون إن غياب الوعي بالكامل يقطع النية وبتالي فإنه يفسد الصيام ومن أهل العلم من قال إن هذا يقاس على النوم لأنه إذا حصلت له النية في أول العبادة وحصل له الإغماء أو التخدير في وسطها فإنه حينئذ استصحب النية حقيقة في بداية العبادة وفي أثنائها هذا التخدير يأخذ حكم النوم بمعنى أنه لم يأت بما يقطع وإنما غابت النية حينئذ وأنتم تعرفون أن مسألة الاستصحاب في أثناء العبادة أهون من قضية ما يتعلق بعدم استصحاب النية في بداية العبادة ففي بداية العبادة الأمر آكد أما في أثنائها فإنه أهون ولهذا ينام الإنسان ويغفل ويسهو في الصلاة وما تبطل صلاتهُ لكن لو أنه غفل عن النية في بداية العبادة ما دخل في العبادة أصلاً وما صحت العبادة منه ففي بداية العبادة لابد من استحضار النية لكن في أثنائها الأمر أيسر من ذلك ولهذا الصحيح والله سبحانه وتعالى أعلم أنه إذا حصل التخدير في وسط النهار أو في أثناء النهار دون أن يكون في أوله أو من أوله إلى أخره أن هذا لا يفسد الصيام.

هذا البحث في مسألة التخدير بالغازات التي تكون عن طريق الأنف أو الفم بعيداً عما يكون مع التخدير من ملابسات أُخرى لكن لو وجدت ملابسات أُخرى مع التخدير فإن هذه تبحث لوحدها كما لو أدخل جهاز ومعه مثلاً مادة هلامية ونحو ذلك أو أعطي المريض حقنة مغذية مثلاً أو وضع في دم المريض حقنة مغذية كالسكر أو نحو ذلك هذه مسائل أُخرى سنبحثها لوحدها. نحن نتكلم الآن عن عملية التخدير فقط.

النازلة السادسة: ما يتعلق بقطرة الأذن.

فإذا وضع الإنسان في أذنه قطرة علاجية فهل يفطر بذلك أو لا يفطر؟ قبل أن نبحث هذه المسألة نبحث مسألة أختلف فيها أهل العلم قديماً، والآن صار الطب فيصلا فيها وهي هل الأذن منفذ إلى الحلق أو لا؟ فالأطباء يقولون إن الأذن ليست منفذً إلى الحلق إلا في حالة واحدة.- فلو وضعت في الأذن سائلا ماء أو دهنا أو قطرة أو أي شيء. لا يمكن أن يصل هذا إلى الحلق إلا في حالة واحدة وهي إذا وُجد في طبلة الأذن خرق فحينئذ هناك قناة تصل من الأذن إلى الحلق ومن الممكن أن يضع الإنسان في أذنه شيئاً فيصل إلى حلقة أما إذا كانت طبلة الأذن غير مخرقة فإنه لا يمكن أن يصل شيء من الأذن إلى الحلق. فهذه مسألة مهمة قبل أن نبحث المسألة التي بين أيدينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015