فلسفة عمل المرأة

د. لطف الله خوجه

26شوال1431هـ

في هذه القضية وقع تضليل كبير .. ؟؟!!!!

المناصرون لعمل المرأة تخطوا حواجز المنطق والحكمة، متسلحين بالقرار السياسي .. فجعلوا من عمل المرأة واقعا غير قابل للنقاش؟!!.

وقبل الدخول في تفاصيل الفلسفة المتعلقة بعمل المرأة، نود الإشارة إلى ما يقطع الجدل مع منطقي رائده الحقيقة، لا متلهف للتسلق:

العمل المنتقد هو ما كان قائما على مبدأ مساواة المرأة بالرجل، في الكم (=مدة العمل)، أو الكيف (= نوع العمل)، مع رفع الحجاب (= عمل مختلط).

وليس العمل الخالي من كل هذه المحذورات، وهو: الملائم للأنوثة، في بيئة نسائية، وكونه استثناءا؛ أي لا يقدم على عملها الأصل (=عمل البيت).

فليكن هذا منا على بال.

فالمرفوض ليس مبدأ العمل، إنما مبدأ المساواة في العمل .. والثاني هو الساري حاليا، يجري على قدم وساق، وانظر في كافة أنواع عمل المرأة المستحدثة: كاشيرات، مضيفات، خادمات، موظفات إلخ .. تجده يحقق مبدأ المساواة، لا مجرد العمل.

وهنا النقطة الحرجة ..

جملة التيار الإسلامي، بمختلف توجهاته وشخصياته كانت تقاوم، لكن ذلك اليوم تغير ..

فمنها التي انضمت لحملة المساواة، تنصر بعلم أو بدونه .. ربما السبب تغير الرأي في مسائل: كالعمل المختلط.

ومنها التي لا تزال على موقفها، لكنها باتت صامتة، مستسلمة، أو تهمس همسا لا يسمن ولا يغني من جوع.

ولأنه في العادة، كثرة الكلام تورث القضية لغطا وجدلا لا ينتهي، وتمنح فرصة للمناورة غير المنطقية، فيعسر على القراء إدراك ما في الكلام من خطأ وزلل، ويبعث على الملل، لكن مع ربح السفسطائين للقضية، وضياع صوت الحقيقة ..

لأجل ذلك، لن أدخل في سرد الدلائل على فساد مبدأ المساواة في عمل المرأة، إنما بتقديم بتفصيل بسيط التركيب، يكشف أبعاد القضية، ويعطي الناظر سلما يرقى عليه ليرى المسألة من فوق، لا من زاوية دون زاوية، لا تتيح له سوى معرفة جزء من الحقيقة.

كل ما في القضية:

أن العمل عملان: عمل داخل البيت، وعمل خارج البيت.

والعامل اثنان: رجل، وامرأة.

فالقسمة العقلية أربعة صور:

الأولى: تعمل هي في البيت، وهو خارج البيت.

وهذا هو الذي عليه البشر منذ آدم حتى قيام الثورة الصناعية في أوربا، فهو السائد، ووجود استثناءات هنا وهناك لا يبطل سيادة هذه الصورة.

هذه الصورة لا عيب فيها، ولا نقص .. بل هو المنطقي، بالنظر إلى مؤهلات المرأة (= أمومة، تدبير المنزل، تربية، حضانة .. هذه من أعمال البيت)، والرجل (= السعي في المعاش .. وهو من عمل الخارج).

فإن كان في هذا شك، فلننظر في الصور الأخرى:

الثانية: تعمل هي خارج البيت، وهو داخله.

وهذه عكس، والمجتمع أو العالم إن تقبل عملها خارجه، فالجميع إلى اليوم لم يتقبل العكس؛ عمله في البيت ..

لذا لا تكاد تجد دعوة - موازية - لعمل الرجل في البيت، مقابل الدعوة لعملها خارجه، لا من الرجال ولا حتى النساء، حتى المرأة التي تدعو - وبحرارة - إلى عملها في الخارج، لا تطرح عمله داخله في المقابل ..

نوال السعداوي مثلا، متطرفة جدا في تناول مسائل المرأة، كان طرحها في البديل لخروج المرأة: إنشاء محاضن، ومطاعم، مغاسل عامة.

إن هذه الصورة مرفوضة، جملة وتفصيلا؛ لأنه لا يمكن تجزئة قضية لا تتعاطى إلا كلية، فمن نادى بعملها خارجا، وتغافل عن البديل، وسكت عن المناداة أن يكون البديل رجلا، فهو لا يعي من القضية سوى جزءا .. وليس غرضه حل مشكلة، بل توليدها لجهل أو غرض.

من المضحك أن يكون البديل: خادمة.

فهذا هو الانقلاب على الفكرة؛ إذ كيف ينادى إلى خروجها للعمل، تحررا من رق البيت، ثم يكون البديل:

أن تلج إلى بيت غير بيتها لتعمل فيه؟ ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015