1 - ما ثبت في الصحيح من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير _رضي الله تعالى عنه_ قال: " ... وإنما كان دينه - أي الزبير رضي الله تعالى عنه - الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه؛ فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، فإني أخشى عليه الضيعة ..

قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف

قال: وكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف".

وفي بعض النسخ: "فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف" (?)

وجه الدلالة من الحديث: أن الزبير - رضي الله تعالى عنه - كان قد قبل تلك الأموال على أنها قرض مضمون لا وديعة مع عدم حاجته إليها، بل كان - رضي الله تعالى عنه - من أكثر الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - مالاً؛ فدل على أنه لا يشترط في القرض قصد الإرفاق بالمقترض، ولا أن كونه فقيراً أو محتاجاً.

قال ابن حجر - رحمه الله تعالى -: "قوله: "لا، ولكنه سلف" أي ما كان يقبض من أحد وديعة إلا إن رضي صاحبها أن يجعلها في ذمته، وكان غرضه بذلك أنه كان يخشى على المال أن يضيع؛ فيُظن به التقصير في حفظه؛ فرأى أن يجعله مضموناً فيكون أوثق لصاحب المال وأبقى لمروءته.

زاد ابن بطال: وليطيب له ربح ذلك المال" (?).

وقال ابن حجر: "وفيه مبالغة الزبير في الإحسان لأصدقائه؛ لأنه رضي أن يحفظ لهم ودائعهم في غيبتهم، ويقوم بوصاياهم على أولادهم بعد موتهم، ولم يكتف بذلك حتى احتاط لأموالهم وديعة أو وصية بأن كان يتوصل إلى تصييرها في ذمته مع عدم احتياجه إليها غالباً، وإنما ينقلها من اليد للذمة مبالغة في حفظها لهم" (?).

2 - مسألة السفتجة (?)، وهي قرض لم يقصد به الإرفاق، ومع ذلك فهي جائزة على الصحيح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "والصحيح الجواز؛ لأن المقترض رأى النفع بأمن خطر الطريق إلى نقل دراهمه إلى بلد دراهم المقترض؛ فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض، والشارع لا ينهى عما ينفع الناس ويصلحهم ويحتاجون إليه، وإنما نهى عما يضرهم ويفسدهم، وقد أغناهم الله عنه، والله أعلم" (?).

3 - ما ذكره العلماء من أن للوصي قرض مال اليتيم في بلد آخر ليربح خطر الطريق، قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى -: "والصحيح جوازه؛ لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما، والشرع لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها، بل بمشروعيتها" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015