لم تكن مصادفة أن يعلن رئيس دولة الصليب أن الحرب في العراق حرب صليبية، ثم يُهان المصحف في سجونه في العراق وجوانتنامو، ثم يُساء إلى الإسلام ونبي الإسلام في رسوم كاريكاتيرية في أكثر من صحيفة غربية، ثم يُتهم الإسلام بالفاشية، وأخيراً يُساء إلى نبي الإسلام -عليه أفضل الصلاة والسلام- على لسان أكبر زعيم للنصارى -بابا الفاتيكان-، لم يكن ذلك كله مصادفة ولا مستغرباً عنهم {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، ولم يكن مُستغرباً أن يغضب المسلمون لنبيهم صلى الله عليه وسلم بل هذا هو الواجب عليهم، لكن المستغرب هو هذه الضجة الإعلامية التي انخدع بها الكثيرون وصاروا يُطالبونه بالاعتذار، مما كان سبباً في إعلاء شأنه، ولو أنهم تركوه لحقارته لما عبأ به أحد، فما كان منه إلا أن اتهمهم مرة بالغباء وأنهم لم يفقهوا قوله! ومرة بأسفه على الألم الذي سببته تعليقاته، وها نحن المسلمين صباح مساء نذمهم ونذم دينهم المحرَّف ونصمهم بالضلال يومياً في صلاتنا وخارجها ولم يُلقوا لنا بالاً ولم يطلبوا منا أن نعتذر، ولو أن أكبر علماء المسلمين قال إنَّ النصارى كفار وإنَّ دينهم محرَّف وليس هو الدين الذي أتى به عيسى عليه الصلاة والسلام، أتراهم سيأبهون به ويطالبونه بالاعتذار؟! أجزم أن عقلاءهم أعقل من عقلانينا الذين طاروا في العجة-كما تقول العامة- ولن يطالبوه بالاعتذار لأن ذلك يُعلي من شأنه، ثم ماذا لو قال لنا البابا أنا على استعداد أن أعتذر عن إساءتي لكم لكن بشرط أن تعتذروا أنتم أيضاًً عن إساءتكم لنا بوصمنا بالكفر والضلال في كتابكم وعلى ألسنة علمائكم؛ أكنَّا سنفعل؟!
ومرة أخرى أقول إن غضب المسلمين أمرٌ واجب عليهم وغير مستغرب لكن المستغرب أن يطالِب بذلك من يستنكرون اليوم عليه وغداً يجلسون معه على طاولة الحوار لتقريب الأديان هؤلاء هم الذين جرءوه
- جرَّأه الذين لا يكفرونهم ويزعمون أنهم أهل كتاب مؤمنون والله كفرهم من فوق سبع سماوات {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ}.
- جرَّأه من عدَّ النصارى إخواناً لنا في الإنسانية في حين يتهم باباهم نبينا -عليه أفضل الصلاة والسلام- باللاإنسانية.
- جرَّأه من أبلى بلاءً سيئاً في رفع المقاطعة عن دولة الدانمرك التي سبقته في الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ببعيد أن يأتي من يقبل اعتذاره الأخير كما قبل البعض اعتذار الصحيفة الآثمة صاحبة الكاريكاتير.
- جرَّأه الذين ما زالوا يدعون إلى التسامح والتعايش والحوار مع الآخر والآخر هذا يشتمهم ويشتم نبيهم -صلى الله عليه وسلم-.
هذا وغيره هو الذي جرَّأ هذا الكافر وأمثاله على الإساءة للإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.
وإن من المزالق الخطيرة التي وقع فيها بعض الذين طالبوا البابا بالاعتذار ونُشرت في وسائل الإعلام قبول بعضهم اعتذاره الممجوج ونسي هؤلاء -وربما جهلوا- أنه لو اعتذر بأصرح عبارة ممكن أن يعتذر منها مخطيء لما قُبل اعتذاره لأن هذا حق للنبي صلى الله عليه وسلم ليس لأحدٍ غيره، أرأيت لو أنَّ رجلاً شتم جارك ثم جاء ليعتذر إليك هل من حقك أن تقبل عذره أم تقول له هذا جاري دونك فاعتذر منه؟ فحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم أجلُّ وأعظم.
ومن هذه المزالق دعوى بعضهم أن الجهاد في الإسلام للدفاع عن النفس ليدفع تهمة انتشار الإسلام بالسيف ونسي أن التاريخ الإسلامي مليءٌ بالفتوحات الإسلامية.
فهؤلاء وأؤلئك هم الذين جرَّؤه وسيجرِّؤن غيره على الإساءة للإسلام ونبي الإسلام.
ولهؤلاء أقول: إنْ كان الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتطلب منكم كل ذلك فلا حاجة إليه، والله حافظٌ دينه وكافٍ نبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}.
[بقلم المشرف]