فنصيحتي لهؤلاء الدعاة -وكذا الداعيات- أن يعيدوا النظر في أسفارهم تلك، وليتذكروا أن ثمَّت من يقتدي بهم، وربما قلدهم في أفعالهم وتصرفاتهم، وأنهم بتصرفهم هذا يسيئون لأنفسهم، ولأبنائهم وبناتهم، ولدعوتهم ولطلابهم ومن يقتدي بهم، وليبحثوا عن بدائل تتناسب مع مقامهم الذي وضعهم الله فيه، وهي كثيرة ومتوفرة ولله الحمد.
وأخيراً قد يقول بعض هؤلاء إنَّ حجم التغيرات التي تشهدها الساحة تتجاوز الحديث في مثل هذه الموضوعات، فبلاد المسلمين تُحتَل وتُدَمَّر، وأنت تتحدث عن ظواهر سلبية عند بعض الدعاة وعن سفرهم للسياحة، فأقول:
إن كان الأمرُ كذلك -وهو كذلك - فكيف يسوغ لكم السفر للسياحة والنزهة وصرف الأموال فيها؟!، أما كان الأولى صرفها لرفع الحصار، وإخماد الحرائق، وبناء ما دُمِّر؟، ثم ثانياً: ألأن غزة محاصرة، والعراق يحترق، وأفغانستان تدمَّر، نترك دعاتنا وأبناءنا تحاصرهم الشهوات، وتحرقهم الشبهات، وتدمرهم التنازلات، أم نسعى لإنقاذ هؤلاء وهؤلاء؟!
وقد يقول آخرون: إن الزمان قد تغير والمنكرات موجودة في كل مكان، فأقول:
هذا صحيح، وعين المرء لا تخطيء ذلك، لكن، هل السفر للسياحة ومخالطة المنكرات وضياع الأموال والأعمار تُصلح فساد المجتمعات؟ ألسنا الآن أحوج من ذي قبل إلى تميزنا وتمسكنا بديننا؟!
اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.