معالم ومنارات في تنزيل أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة على الوقائع والحوادث

راجعه عدد من طلبة العلم

بقلم/ عبد الله بن صالح العجيري

abosaleh95@islamway.net

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ..

قال الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، إن من عظمة هذا الدين الخاتم كماله، وإن من مظاهركماله تهيئته لنفوس أصحابه لما يستقبلونه من حوادث ووقائع، علوية وسفلية، كبار وصغار، ليسيروا من ثم على نور وبصيرة يعرفون من خلال خبر الصادق ما كان وما سيكون مما هو نافع لهم في دنياهم وأخراهم، يبتدأ تاريخهم من آدم بل ومن قبل آدم ويستمر إلى قيام الساعة وما يجري بعد قيام الساعة، وكان من جملة تلك النصوص الشرعية المتحدثة عن أمور المستقبل ما يتعلق بذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة، مما يعطي المسلم تصورا عما يستقبله منها ليحذر ويتقي فينجو، نعم إن أمة الإسلام اليوم تحتاج إلى أن تراجع هذه النصوص الشرعية لتجد السبيل للخروج مما هي فيه من أزمات وفتن يرقق بعضها بعضا، فـ (قد أحاطت هذا الزمان وأهله فتن كثيرة لا تحصى، خصوصا ذهاب دولة الإسلام، وحكومة الإيمان، وغربة الدين، وفشو البدع والمضلين، وقلة العلم، وكثرة الجهل، وإيثار الخلق على الحق، والعاجلة على الآجلة، وترك الغزو، والقنوع بما في أيدي الناس، والانهماك في أمر المعاش، والإعراض عن المعاد، وكثرة التحاسد، والمفاسد التي أسرت أفراح القلوب، وشقت قلوب المؤمنين قبل الجيوب، فأصبحوا في حال يعدون المنايا أمانيا، ويرون لضعف الدين ووهن اليقين الموت طبيبا شافيا، إذا عثرت خيول الفتن والنقم، وولت جنود الدعة والنعم، وصارت الدنيا كلها آفات وبلايا، وكم في الزوايا من رزايا) (?)،

ومن الرزايا ما نراه من كتابات تخرج بين الفينة والأخرى قد اتخذت من نصوص الفتن والأشراط والملاحم مرتعا خصبا لعبث العابثين وظنون المتخرصين، يقولون ما لا يعلمون، ويهرفون بما لايعرفون، في كهانة مقنعة تلبس لبوس النص، والنص ينادي عليها بالبراءة، قد رسموا صورة الحاضر والمستقبل بما جادت به عقولهم المريضة، ثم حاولوا أن يجعلوا من تلك النصوص أصباغا يلونون بها تلك الصور فأساؤوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، قد ضمنوا صورهم تلك كتبا يلقونها على الناس مع كل فتنة ومع كل أزمة تمر بالأمة تقول لهم بلسان الحال هيت لكم فلا يجدون بدا من أن يقولوا: لبيك، إنه باب جديد من أبواب تحريف النصوص، يفتح بل يكسر لينفذ من خلاله من يريد حرف المسار الصحيح للإصلاح في تثبيط عجيب عن العمل ودعوة للقعود عن النصرة وفي ترقب لخروج مصلح من هنا أو مهدي من هناك، يبتدأ هو لا هُم مسيرة الإصلاح، فوا أسفا، أبالظنون الكاذبة والخيالات الباطلة تعطل الأعمال والشرائع، إنه هروب اليائس المحبط من واقعه إلى عالم من الأحلام والأماني يعيش فيه ويتعلل به مما هو فيه، يحسب أنه بذلك قد صنع شيئا، وحقيقة الأمر أنه قد صنع (لا شيء)!، ولا تستطل الكلام فإنها نفثة مصدور، والأمر من قبل ومن بعد فوق ما أقول، وليس راء كمن سمع ولا من وقف على تصانيف القوم كمن لم يقف عليها.

وهذه كلمات في محاولة لتأصيل هذه المسألة، تنزيل أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة على الواقع في ظل ضوابط مستنبطة من تصرفات أهل العلم في القديم والحديث عسى أن تكون محل نفع وإفادة، وقد قسمت البحث إلى جزئين مقدمات لا بد منها يتلوها المنارات والمعالم التي يجب مراعاتها في عملية تنزيل نصوص الفتن والملاحم وأشراط الساعة على الواقع، وليس المقصود تتبع ما كتب في هذه المسائل من كتابات هي محل للنقد والتخطئة فإن هذا يطول بل (لا مطمع لأحد في حصرها، لأنها خطأ وباطل، والخطأ لا تنحصر سبله، ولا تتحصل طرقه، فاخط ما شئت، وإنما الذي تنحصر مداركه، وتنضبط مآخذه، فهو الحق، لأنه أمر واحد مقصود، يمكن إعمال الفكر والخواطر في استخراجه، وما مثل هذا إلا كالرامي للهدف، فإن طرق الإصابة تنحصر وتتحصل من إحكام الآلات، وأسباب النزع، وتسديد السهم، فأما من أراد أن يخطئ الهدف، فجهات الأخطاء لا تنحصر ولا تنضبط، إلا أن نذكر من ذلك حسب الإمكان) (?) .. والله أعلم .. وإلى المقصود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015