إن المنطق الشرعي والعقلي يوجب أن يكون الاهتمام في التوظيف موجهاً بالدرجة الأولى إلى الشباب ثم إلى النساء بعد ذلك، كما أن منطق الحقوق يوجب أن تكون الحقوق الممنوحة متناسبة مع حجم المسؤوليات والالتزامات الواجبة على الفرد، ولا يسوّغ أن نطالب بالمساواة في الحقوق بين أفراد تختلف المسؤوليات الواجبة عليهم في بعض جوانبها اختلافاً جوهرياً، كما هو الحال في الواجبات الاجتماعية الواجبة على الرجل والمرأة؛ فالرجل في الشريعة الإسلامية، وفي العرف السائد في المجتمع السعودي هو المكلف في الأصل بالنفقة على من تحت يده من النساء وغيرهم، والمرأة لا يجب عليها شيء من ذلك حتى ولو كانت غنية، فكيف يسوغ والحالة هذه أن ينصرف اهتمام بعض مؤسسات المجتمع إلى توظيف المرأة على حساب الرجل أو يساوي بينهما؟!

فعمل المرأة كأجيرة في الأوضاع الطبيعية لا يُعدّ في الغالب من الاحتياجات الرئيسة للمرأة أو للمجتمع باستثناء حالات محدودة، كالحاجة إلى المرأة في القطاع الصحي والتعليمي، وفي القطاعات والمجالات الأخرى التي تحتاج المرأة أن تتعامل معها بنفسها، وفي حالات الاحتياج الشخصي، وإنما يأتي عملها في الغالب كاحتياج ثانوي، وهذا الأمر يجب أن يكون له أثره على أولويات الاهتمام والتوظيف من مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية.

وبناءً على ما سبق فلا يسوغ أن ننظر إلى بطالة الذكور والإناث، ونحدد حجمها من خلال نفس المعايير، دون مراعاة الاختلاف الجوهري في الواجبات والمسؤوليات المناطة بكلٍ منهما، محتجين بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، بل الواجب هنا هو مبدأ العدل لا المساواة، والذي يقتضي أن تتناسب الحقوق مع الواجبات، وما ألحظه أن وزارة العمل تنظر لبطالة الذكور والإناث، وتتعامل معها من خلال معايير موحدة، وهذه منهجية تفتقد للدقة والواقعية.

وإذا انتقلنا إلى زاوية أخرى للقضية، ونظرنا إلى نوعية الوظائف والأعمال التي تُطرح ضمن تطبيقات توسيع فرص ومجالات عمل المرأة لاسيما في القطاع الخاص، وتحظى بتسويق إعلامي واسع على الصعيد المحلي لرأينا أن هناك سعياً غريباً لتطبيع نوعيات معينة من الأعمال والوظائف التي تتعارض مع ثقافة المجتمع ومنظومته القيمية، أو على أقل الأحوال لا تحظى بقبول اجتماعي، كالعمل في البيئات المختلطة من دون ضرورة فعلية لذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015