الجزء الأكبر فيه. ولكني لم أقتصر على كلمات تلك الزاوية اليومية، بل ضممت إليها بعض المقالات القديمة التي كتبها جدي في مطلع حياته وهو في أول العشرينيات من عمره؛ وهي تشكل القسم الثاني من الكتاب (ولم أجد من هذه المقالات الكثير، بل هي سبع لا غير). وكذلك وضعت -في القسم الثالث منه- مجموعة من المقالات التي نقلتها عن أصول مخطوطة، أُذيعت من إذاعة المملكة ورائيها من نحو ثلث قرن ولكنها لم تُنشر من قبل قط، لا في صحيفة ولا في كتاب ولا في أي مكان.
...
ولكن ما الذي صنعته سوى اختيار المقالات وتجميعها وتبويبها؟
علمتُ -بادئ ذي بدء- أن جدي ما كان ليقبل أن يعبث بكتابته أحد؛ فلم أتجرأ على شيء من ذلك، وحرصت على أن أنقل ما كتب بالشكل الذي كتب. ولكني اضطررت إلى الاجتهاد في بعض المواقع وأنا أقف أمام خطأ مطبعي واضح مما نُشر في صحيفة ولم يمر عليه قلم جدي بالتصحيح (وقليلة هي المقالات التي عاد إليها بالتصحيح، على كثرة أخطاء الطباعة) أو وأنا أحاول فك رموز جملة مخطوطة (وخط جدي كان -إذا استعجل فيه- من الرموز التي لا يفهمها غير الخاصة)، على أنه لم يكن اجتهاداً مطلقاً بل هو مقيد بما أعرفه من مفردات جدي التي تدور على قلمه أو تعبيراته التي تتكرر في كتاباته. وأرجو ألا أكون قد أغربت.
ثم كان عليّ أن أضع للمقالات عناوين؛ إذ أن أقل القليل منها قد حمل عنواناً بخطه، لأنها كانت- في الأصل- مقالات قصيرة بلا عنوان تحت عمود يومي ذي عنوان، وآمل أن أكون موفقاً فيما اجتهدت فيه من ذلك.