فكرة من أفكار الدنيا، تصور أنه قائم بين يدي الله فطردها بقوله «الله أكبر»، فلذلك كان شعار الصلاة عند الدخول إليها، وعند الانتقالات فيها: «الله أكبر».
ويفكر فيما ينطق به ويستحضر معانيه حية في ذهنه. فإذا قال: {الحَمْدُ لله} تصور نعم الله التي لا تحصى ولا تستقصى؛ نعمة الحياة، ونعمة السمع والبصر والنطق، ونعمة الإسلام، ونعمة الصحة. إن الإنسان لا يعرف قيمة النعم حتى يفقدها، فإن سد أنفَه الزكامُ فلم يستطع أن يتنفس أو ينام عرف قيمة الأنف، وإن لويت قدمه فلم يقدر أن يخطو عرف قيمة الرجل، وإن وإن ... وإن مات ولده أو ضاع منه شيء تمنى لو أنه دفع ربع ماله وعاد الضائع أو رجع الولد. يتصور هذه النعم كلها وهو يقول «الحمد لله».
فإن قال: {رَبِّ العَالَمين} (والرب في لغة العرب ليس الخالق فقط، بل المربي. ففي كلمة الرب معنى اللطف والعناية والحفظ)، إن قالها تصور أن العوالم كلها (عالم الإنسان وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم السماء، وكل ما في الوجود من عوالم) الله الذي أنشأها ونماها وحفظها ورعاها.
{الرّحْمن الرّحيم}: وسعت رحمته كل شيء؛ يرحم الناس جميعاً حتى الكافر الذي يكفر بالله بلسانه يرحمه الله فيحفظ عليه هذا اللسان، والفاسق الذي يحارب الله بجسده يرحمه الله فيبقي عليه هذا الجسد. أنزل الله رحمة واحدة فيها يتراحم الأحياء وتعطف الأم على ولدها والأخ على أخته، وأبقى تسعاً وتسعين ليوم القيامة.
{مالِكِ يَوْمِ الدّين}: يوم القيامة، يوم الحساب؛ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من شر تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً، يوم لا ينفع المالُ أربابَ المال ولا الجاهُ أهلَ الجاه ولا يفيد السلطان ولا القوة ولا الجنود ولا الأعوان إلا من قدم صالحاً ورحمه الرحمن.