وسأله أخوه النبي موسى:
(مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93))؟
ودافع هارون عن منهجه بأنه خشي أن يقول له موسى فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي.
هذا منهج هارون في علاج المشكلة. والكلمة الأخيرة لسيدنا موسى.
منهج الكليم موسى
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}
والذي أفهمه من تفسير هذه الآية التي ذكرت في مقام النعمة على بني إسرائيل في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - إن قوله تعالى " فتاب عليكم " فيه التفات من حديث موسى إلى كلام الله سبحانه - لمن شهد الوحي من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من بني إسرائيل
أي فتاب عليكم عندما عزمتم على قتل أنفسكم ولم يؤخر التوبة حتى يقتل من عبد العجل من آبائهم.
فهارون له منهج وموسى له منهج آخر.
فالأنبياء الذين يوحى إليهم إن اجتمعوا في بلد واحد، وزمن واحد اختلفوا فبقي الاختلاف لتلاميذ الوحي رحمة بالأمة.
قلت وأنا طالب بالثانوية الأزهرية في محاضرة بميامي بالإسكندرية لزملائي طلاب الأزهر: إن الله علم أن أمتنا لا تصلح إلا بالعلم فجعل معجزة نبينا كتاباً وأول آيات الوحي
" اقرأ "وعلم أن بني إسرائيل لا تصلح إلا بالدق على رؤوسهم فجعل معجزة نبيهم عصاً
{وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}.
واختلف سليمان الابن مع داود النبي في الحكم في قضية (الحرث) في سورة الأنبياء {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)}
قضى داود الأب أن يأخذ صاحب الحرث الغنم عقوبة لأنه أهمل حراستها.
وحكم سليمان بأن يأخذ صاحب الحرث الغنم حتى يعيد صاحب الغنم زراعة الأرض. ثم يأخذ كل واحد حقه. قال تعالى {ففهمناها سليمان وكلا ءاتينا حكما وعلما} سورة الأنبياء 79
وفي عالم الأرواح، وفي الملأ الأعلى اختلف الابن النبي - موسى - عليه السلام مع الأب النبي آدم - عليه السلام وحكم بينهما النبي الخاتم في موضوع ما مدى مسؤولية آدم عن خروج أبنائه من الجنة إلى الأرض.
واحتج آدم بالقدر. وحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - لآدم - عليهم السلام.
فاختلاف الأئمة امتداد لاختلاف الأنبياء.
واختلاف الأئمة امتداد لاختلاف الخلفاء الراشدين.
وصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والحديث عن سماحة الإسلام أعم بكثير من موضوع اختلاف الأئمة ولكنني لم أزل لا استطيع نسيان قصة " هذا هو الحق " (فماذا بعد الحق إلا الضلال)
لأن الله حفظ الأمة أن تختلف في الحق الذي ليس بعده إلا الضلال - كما سبق أن قلت.
أما سماحة الإسلام لدراسة للشريعة فقد كتبت عن هذا في كتابي (هذا نبيك يا ولدي) وكتابي (شريعة الله يا ولدي) الطلاب الجامعات وقد كتب أستاذنا الشيخ الصادق عرجون ثلاث مجلدات كبار في هذا الموضوع - أسأل الله أن يتقبل من كلّ جنديّ سهمه إنه المستعان