إن الصفة الأساسية لكل هذه النظريات هي أنها جميعاً تبحث عن أهداف للمؤسسة وتتركز حول تحقيق النهاية العظمى لشيء ما خاص بها، قد يكون الأرباح، وقد يكون المبيعات، وقد يكون السيطرة على الأسواق، وقد يكون السيطرة السياسية في مختلف أنحاء العالم لترسيخ دعائمها وبالتالي تعظيم النشاطات التي تقوم بها، وهي جميعاً أهداف مادية بحتة لا يدخل في اعتبارها أي اهتمام بالصالح الاجتماعي العام أو أي احترام للقيم الأخلاقية المثلى التي توصي بها جميع الأديان. ولعل ذلك يشكل أحد أسباب تفسخ المجتمعات وانهيارها ونزوعها إلى العنف والتدمير، الأمر الذي يقودهم في النهاية إلى عيادات الأمراض العقلية والعصبية ومصحات المعاقين. فالفكر الاقتصادي الغربي فكر مادي بحت، ولذلك يعتبر الثروة ممثلة في الأرباح أو المبيعات دون أي اهتمام بما يمكن أن يصيب أفراد المجتمع جميعاً في رفاهية هي نتيجة تعظيم هذه العناصر المادية التي تسعى المؤسسات إلى تحقيقها لذلك يؤيد علماء الاقتصاد الغربي كل ما يؤدي إلى زيادة قدرة المؤسسات على الإنتاج وعلى تحقيق الأرباح دون أن يأخذوا في اعتبارهم ما يمكن أن يترتب على ذلك من اتساع في التفاوت بين دخول الفئات المختلفة التي يتكون منها المجتمع وغير ذلك من الأضرار المعنوية والصحية التي لا بد أن تصيب البشر جميعاً والأمثلة على ذلك كثيرة فمنها إنتاج السكائر والمسكرات والمخدرات وأدوات الخلاعة والمواد الغذائية الكيمائية الضارة والإعلانات البذيئة التي تروج لهذه المنتجات .. ولا يجب أن نعجب لهذا الموقف الذي يتخذه علماء الاقتصاد الغربي من دوافع الإنتاج وحوافزه ذلك لأن الحضارة الغربية تطورت في اتجاهات مادية بحتة حتى أصبحت النقود في مجتمعاتنا الحاضرة مقياساً لعلاقات البشر وعواطفهم، كما اصبح تجميعها والإكثار من حيازتها دافعاً إلى الاحترام.