والآخر يأمر بالكف ليصح الاختيار، وحكى عنه ابن الراوندي أنه كان يقول أن خاطر المعصية من الله إلا أنه وضعه للتعديل لا ليعصي، وحكى عنه أنه كان يقول أن الخاطرين جسمان وأظنه غلط في الحكاية الأخيرة عنه.
وقال بشر بن المعتمر: قد يستغني المختار في فعله وفيما يختاره عن الخاطرين، واحتج في ذلك بأول شيطان خلقه الله وأنه لم ينقل شيطان يخطر.
وقال قوم أن الأفعال التي من شأن النفس أن تفعلها وتجمعها وتميل إليها وتحبها فليس تحتاج إلى خاطر يدعوها إليها وأما الأفعال التي تكرهها وتنفر منها فإن الله عز وجل إذا أمر بها أحدث لها من الدواعي مقدار ما يوازي كراهتها لها ونفارها
منها وإن دعاه الشيطان إلى ما تميل إليه وتحبه زادها من الدواعي والترغيب ما يوازي داعي الشيطان ويمنعه من الغلبة، وإن أراد الله سبحانه أن يقع من النفس فعل ما تكرهه وينفر طباعها منه جعل الدواعي والترغيب والترهيب والتوفير يفضل ما عندها من الكراهة لذلك منه فتميل النفس إلى ما دعيت إليه ورغبت فيه طباعاً، وذكر ابن الراوندي أن هذا القول قوله.