وتوفي أحد الصحابة في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان قد تجهَّز للخروج للحرب وقتال الكفار، فقالت ابنته متحسِّرة: "إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا، قد كنت قضيت جهازك". فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "قد أوقع الله أجره على قدر نيته" (?).
وتخلف رجال في غزوة تبوك، كانوا يتحرَّقون شوقا إلى صحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تلك المعركة، ولكن حبسهم العذر، بعضهم لم يكن عنده الزاد والراحلة، ولم يجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يحملهم عليه، وبعضهم لعلَّه كان مريضا، ومنهم من تخلف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليَليَ شؤون المدينة، ويقوم على حمايتها، فأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه الذين كانوا معه في تلك الغزوة أن أولئك المتخلفين المعذورين يشاركونهم في الأجر، ونصّ كلامه -صلى الله عليه وسلم- فيهم: "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر" (?).
وقد أشار القرآن إلى مساواة أصحاب الأعذار للمجاهدين إذا منعهم الضرر من المسير والحرب والطعان، قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولي الضَّرَرِ، وَالْمُجَاهِدونَ فِي سبِيل الله بأَمْوالِهمْ وَأنفُسهِمْ} (?).
وقد نزلت هذه الآية كما يقول ابن كثير أولا بدون "أُولي الضَّرَرِ" وكان عند الله ابن أمّ مكتوم قريبا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: أَنا ضرير، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، فنزلت: {غيْرُ أولي الضَّرَر} (?)، فالآية كما يقول ابن كثير، ويرويه عن ابن عباس (?): تدلُّ على أنَّ "أولي الضرر" يساوون