الفرائض في حقّ سقوط الواجب، فهذا يقتضي صحة الشروع مع عدم الإخلاص" (?).
وهذا الذي قرراه لو أراد به عدم مطالبة من لم يخلص بالعبادة في الدنيا، وإنما هو أمر بينه وبين الله تعالى كما يقول صاحب الذخيرة المرضية (?) - لكان قولهم صحيحا، أما وهم يصححون عبادته، ويعدّون النية شرطا للثواب لا للصحة فلا.
وما قاله هذان الفقيهان (?) هو أثر من آثار تقسيم العلوم الِإسلامية إلى وحدات مستقلة، وقد وصل الأمر إلى درجة أن كادت تنفصم الوشيجة التي تربط بينها جميعا، فالإخلاص -وهو أحد مباحث علم التوحيد- أصل لكلّ عمل قلبي أو قولي أو بدني، وكان ينبغي أن يعنى بهذا عناية تامة، أما أن يزعم بعض المتأخرين "أن الِإخلاص أمر زائد على النيّة لا يحصل بدونها، وقد تحصل بدونه، وأنَّ نظر الفقهاء قاصر على النية، وأحكامهم تجري عليها" (?)، فهذا قول غير صحيح.
وقد حكم السيوطي ببطلان عبادة من نوى بذبحه الأضحية أن تكون لله ولغيره (?)، وما ذلك إلا لأنَّها فقدت الِإخلاص.
وقد ذكرنا قول بعض العلماء الذين عدوها شرطا. وممن نصَّ على بطلان عبادة غير المخلصين الحطّاب، قال: "فالمخلص في عبادته هو الذي يخلصها من شوائب الشرك والرياء، وذلك لا يتأتى له إلاّ بأن يكون الباعث له على عملها قصد التقرب إلى الله تعالى، وابتغاء ما عنده، فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أغراض الدنيا فلا تكون عادة، بل مصيبة موبقة لصاحبها" (?).