التوجه إلى الله وقصده دون سواه ليس أمرًا غفلا عن الأسباب المنطقية والحقائق الصادقة التي يطمئن إليها العقل وترضى بها النفس، وسنكتفي هنا بإيراد عجالة توضح بعض الحقائق التي تدعونا إلى أن نقصر قصدنا على ربنا في مجال العبودية والقربات.
الناس جميعًا مؤمنون وكفار لا بد لهم من مراد يقصدونه، ويتوجهون إليه، على ذلك فطرهم الله، فالإنسان دائم الهم والإرادة، دائب العمل والحركة، ولذلك كان أصدق الأسماء حارث وهمام كما ورد في الحديث (?)، لأنَّ كل إنسان حارث بمعنى كاسب، وكلّ إنسان همّام، أي كثير الهم والإرادة.
فالإِنسان مجهول على أن يقصد شيئًا، ويريده، ويستعينه، ويعتمد عليه، في تحصيل طلبه، قد يكون هو الله، وقد يكون غيره، ولكنَّ الِإنسان لا يمكن إلاّ أنْ يكون كذلك، أي له مراد يقصده ويتوجه إليه.
والسبب في ذلك أن الإنسان فقير إلى غيره محتاج إليه، كي يسد نقصه، ويكمل عجزه ويحصل حاجته، وفقره هذا دائم لا يتوقف ولا ينقطع.
ومن عجائب الإنسان أنه إذا أراد شيئًا من المخلوقات ثم حصل عليه ملَّه وطلب غيره أو أكثر منه، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ