وقال تعالى في الزينة والطيبات: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (?)، أي لا يشركهم فيها الكفار.
ومن هنا نرى أنَّ بين المعنى اللغوي والاصطلاحي تناسبا وتوافقا، فالإخلاص يهدف إلى تخليص القصد المتوجه إلى الله تعالى من الأوشاب والأخلاط والفساد الذي يزاحمه ويخالطه، بحيث يتصفى القصد لله عز وجلّ دون سواه في جميع العبادات.
الصدق في الإخلاص من أشقّ الأمور على النفوس، وهذه المشقة لا يعاني منها عوام النّاس ودهماؤهم دون العلماء والأئمة، بل كثير من العلماء والصالحين لاقوا هذه المعاناة، يقول سفيان الثوري: "ما عالجت شيئًا عليّ أشدّ من نيتي، إنّها تتقلب علي" (?).
ولذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرا ما يدعو بهذا الدعاء: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوب ثبِّتْ قَلْبي عَلَى دِينِكَ" (?).
وكان يكثر في قسمه أن يقول: "لاَ وَمُقَلب الْقُلُوب" (?).
فالقلوب كثيرة التقلب والتحول في قصودها ونياتها، ومن شاء أن يعلم ذلك فلينظر إلى تحول قصده ووجهته في مدى ساعة واحدة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ قلب إلاّ وَهُو َمُعَلقَ بَيْنَ أُصْبُعينِ مِنْ أَصَابِع الرّحمن، إنْ شَاءَ أَقَامَهُ وإنْ شَاءَ أَزَاغَهُ، والْمِيزانُ بيَدِ الرَّحْمَن، يَرْفَعُ أقْوَامًا، وَيخَفِضُ آخرينَ إلى يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (?).