سنحاول أن نفصل القول في هذا الفصل في ما يفتقر إلى النيَّة من العبادات، وما لا يفتقر إليها، مع بيان مذاهب العلماء في ذلك.
إزالة النجاسات من البدن، أو الثوب أو المكان، لا تفتقر إلى نيّة، ولم يخالف في هذا إلا قليل من متأخري الحنابلة، والشافعية (?)، وقد نسب محققو المذهبين هؤلاء الذين أوجبوا النيّة في إزالة النجاسة إلى الشذوذ (?).
وحجّة جمهور العلماء أن إزالة النجاسات من باب التروك، ولذا لا تلزمها النيّة.
وكأن الذين أوجوا النيّة في إزالة النجاسات نظروا إلى أن الشارع قد أوجب عليهم التطهر من الخبث، كما أوجب عليهم التطهر من الحديث، فتكون من باب المأمورات التي لا تكفي صورتها في تحصيل مصلحتها، فتحتاج إلى النيَّة (?).
والردّ عليهم أنَّ الطهارة من الحديث لا بدّ لها من النية، لأنَّها طهارة حكمية، أما النجاسات فإنها محسوسة، والمطلوب إزالة عينها، وإزالة عين النجاسة لا تتوقف