وروى جابر (?) وأنس أنَّ عليا قدم من اليمن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- "بم أهللت"؟ قال: أهللت بما أهل به النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "فاهد، وامكث حراما"، وقال أنس: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لولا أنّ معي الهدي لحللت" (?).

والسبب في أمره لأبي موسى بالإِحلال أنه لم يسق الهدي، أمّا علي فقد ساق

الهدي، فأمره أن يبقى محرما.

فأنت ترى أن أبا موسى وعليا قد أحرما بنيّة مبهمة، فكذلك من حج بنية مطلقة.

بل إن الشافعي وأحمد وإسحق يذهبون إلى أبعد من هذا، فهم يرون أن من نوى التطوع بحجة، أو نوى الحج عن غيره، وعليه حج الفريضة، فإنّه لا ينعقد عن غيره، ويقع عن نفسه.

وخالفهم فيما ذهبوا إليه الإِمام مالك وأبو حنيفة والثوري، وقالوا: من حج عن غيره وقع عن المحجوج عنه، ومن نوى التطوع كان تطوعا، وإن لم يحج الفريضة.

وحجة الشافعي ومن معه حديث الصحابي الحاجّ عن شبرمة حيث أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يحجّ عن نفسه، ثم يحجّ عن شبرمة (?).

وليس لهم حجة في الحديث غاية ما يفيده أنه أمره بفسخ نية وصرفها إلى الحجّ عن نفسه، ولا يستفاد منه أنَّ الذي قصد الحج عن غيره يقع حجة عن نفسه إن لم يسبق له حج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015