فأخبر أن أئمة الضلال في يوم القيامة لن يفوا لأتباعهم بما تعهدوا به من حمل خطاياهم وذنوبهم، وأخبر أنَّ أئمة الضلال سيحملون آثام الذنوب التي ارتكبوها، وسيحملون أثقالا مع أثقالهم، وهي أوزار الاتباع الذين أضلوهم، لأن إرادتهم كانت جازمة بذلك، وفعلوا مقدورهم، فصار لهم جزاء كلّ عامل.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس عن أبي سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى هرقل: "فإن توليت فإن عليك إثْم الأرّيسيِّين" (?)، لأن هرقل إمامهم المتبوع في دينهم، فتولّيه عن الحقِّ سبب في بقائهم على ضلالهم.
بل يذهب الِإسلام إلى أبعد من ذلك في الإثابة والعقاب على القصد المجرد، إذ يعتبر الراضي بالفعل كالفاعل وإن لم يعمله ويقصده.
يقول القرطبي عند قوله تعالى عن اليهود: {وقَتْلَهُمُ الأنْبياءَ بغيْر حَق} (?)، أي ونكتب قتلهم الأنبياء بغير حق، أي رضاءهم بالقتل والمراد قتلَ أسلافهم الأنبياء، لكن لما رضوا بذلك صحت الِإضافة إليهم.
وحسَّن رجل عند الشعبي (?) قتل عثمان بن عفان (?)، فقال له الشعبي: شركت في دمه (?). فجعل الرضا بالقتل قتلا، رضي الله عنه (?).
ثم قال القرطبي: "وهذه مسألة عظيمة حيث يكون الرضا بالمعصية معصية،