ولم يذكر الفقهاء عن أحد قبل الزبيري أو بعده لا من الشافعية ولا من غيرهم أنّه قال بوجوب التلفظ بالنية، فيكون قوله هذا خرقا للإجماع، ولا يحل الأحد متابعته في القول بذلك أو بالإفتاء به.
أما القول باستحباب التلفظ فلم يقل به أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم من الأئمة السابقين، بل المنصوص عن الِإمام مالك وأحمد أنّه لا يستحب التلفظ بذلك (?).
وأتباع الِإمام مالك لا يستحبون التلفظ بالنية (?)، واختلف أصحاب الإمام أحمد والشافعي وأبي حنيفة (?)، فمنهم من رأى أنَّ التلفظ بالنية مستحب، ومنهم من لم ير الاستحباب بل قال: هو مكروه وبدعة.
وكلّ الذي احتج به القائلون بالاستحباب على اختلاف مذاهبهم أنه يستحب "لاجتماع عزيمته" (?)، أو "لأنه آكد" (?)، أو "ليساعد اللسان القلب" (?)، أو "ليكون أوفى وطأ، وأقوم قيلا" (?)، هذه عباراتهم وهي متقاربة في معناها.
أما الذين كرهوا التلفظ ولم يستحبوه فلهم أدلة على مدّعاهم، وردود على القائلين بالاستحباب نوجزها فيما يلي:
1 - الاستحباب لا يكون إلاّ بدليل، ولا دليل:
قالوا: إن الاستحباب حكم شرعي لا يثبت بمجرد النظر والتشهي، فلا واجب