وقد فهم القرطبي (?) هذه النصوص على ظاهرها، فالقلب الذي عناه الله هو "بضعة صغيرة على هيئة الصنوبرة خلقها الله تعالى في الآدمي وجعلها محلا، للعلم، فيحصي به العبد ما لا يسع في الأسفار، يكتبه تعالى بالخط الإلهي، ويضبطه بالحفظ الرّباني، حتى يحصيه، ولا ينسى منه شيئًا" (?).
ويذكر القرطبي أيضا: "أن القلب في الأصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلبا إذا رددته على بداءته، وقلبت الإِناء رددته على وجهه، ثم نقل هذا اللفظ فسمى به هذا العضو الذي هو أشرف الحيوان لسرعة الخواطر إليه، ولتردّدها عليه كما قيل:
ما سُمِّي الْقَلْبُ قَلْبًا إلاّ مِن تقلبه ... فَاحْذرْ على الْقَلبِ منْ قلْبٍ وَتَحْويلِ" (?)
إلاّ أنَّ كثيرا من العلماء يرى أنَّ القلب المعني في الآيات القرآنية هو: "لطيفة ربانية، لها بهذا القلب الجسماني الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر تعلّق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الِإنسان، ويسميها الحكيم النفس الناطقة، والروح الباطنة" (?).
وعلى هذا فالقلب هو الروح أو النفس، ويشهد لهذا أن البحوث التي أجريت على القلوب من الباحثين في العصر الحديث دلت على أن القلب الجسماني ليس إلاّ مضغة من اللحم، ونحن نصدق ربّا في أن القلب محلّ العقل والفقه، إلاّ أن المراد به تلك اللطيفة المتعلقة بالقلب. والله أعلم.
وقد ذهب غالبية الفلاسفة إلى أن الدماغ محلّ العقل، ويلزم على قولهم هذا