الثَّانِيَة أَن يسر كَون أَن النَّاس اطلعوا عَلَيْهِ فأطاعوا الله فِيهِ بِإِحْسَان الظَّن بِهِ فَيكون سروره بكونهم أطاعوا الله تَعَالَى فِيهِ فَهَذَا سرُور مِنْهُ للْمُسلمين بِطَاعَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ
الثَّالِثَة أَن يطلعوا عَلَيْهِ فيقتدوا بِهِ فيسر بكونهم اقتدوا بِهِ وَبِأَن الله تَعَالَى جعل طَاعَته سَبَب الِاقْتِدَاء بِهِ فَأحْسن بِهِ من سرُور وَقد أمرنَا الله عز وَجل أَن نفرح بفضله وبرحمته
الرَّابِعَة أَن يسر باطلاعهم عَلَيْهِ ليعظموه ويشكروه وَأَن ينَال مِنْهُم مَا يرجوه أهل الرِّيَاء فَلَا يحبط عمله بذلك لِأَنَّهُ مضى على الْإِخْلَاص وَلم يَأْثَم بِهِ لِأَن من طبع الْإِنْسَان الْميل إِلَى مَا يُوَافق طبعه والنفور مِمَّا يُخَالف طبعه وَمَا كلف أحد أَن يخرج عَن طبعه وَلكنه إِذا ظهر حبه لذَلِك لم يَأْمَن أَن يكون خطرت لَهُ خطرة رِيَاء فخفيت عَلَيْهِ لِأَن الرِّيَاء فِي العبيد أخْفى من دَبِيب النَّمْل فَإِن اطلع عَلَيْهِ فِي أثْنَاء الْعَمَل فسر بذلك لأجل الْمنزلَة عِنْد النَّاس فقد اخْتلف فِيهِ وَتردد الشَّيْخ فِيهِ ثمَّ اخْتَار الإحباط وَهَذَا بعيد إِذا لم يراء بِبَقِيَّة عمله فَإِن مُجَرّد الْحبّ لاطلاع النَّاس ميل طبعي لَا مَعْصِيّة فِيهِ فَكيف تحبط الطَّاعَة بِمَا لَا مَعْصِيّة فِيهِ
وَلَو مَال قلب الْإِنْسَان فِي الصَّلَاة أَو الصَّوْم أَو الْحَج إِلَى شَيْء من الْمعاصِي لم تبطل عِبَادَته بذلك فَمَا الْفرق بَين هَذَا أَو بَين الْميل إِلَى الرِّيَاء