هذا سؤالان يتعلقان بتحية المسجد، وهي مسألة علمية حقيقة، ما كنت أودّ أن أتحدث عنها؛ لكنها ما في شك أن بعض الأخوة يؤدي التحية وبعضهم يجلس، ولعل السائل نظر إليّ أنا على وجه الخصوص.
يقول: ما حكم تحية المسجد وما تقولون .. الخ؟ ينكر بعض الأخوة على من لم يؤد تحية المسجد بعد صلاة العصر؟
الكلام في هذه المسألة، مسألة ذوات الأسباب وفعلها في أوقات النهي كلام يطول جداً، وتحريره يحتاج إلى وقتٍ طويل، والمسألة مسجلة عني في شريطٍ يكاد يكون كامل، لكن ما يمنع أني ألمح إلى هذه المسألة باختصار، المسألة ورد فيها أحاديث، منها ما يبيّن الأوقات، وأنها خمسة، ومنها ثلاثة مضيقة، كما في حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعاتٍ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"، فذكر الثلاثة المضيقة، ومنها: النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم؛ لأنه في مقابل هذه الأحاديث وردت أحاديث أخرى مثل حديث: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وأحاديث ركعتي الطواف وغيرها في أوقات النهي، فهنا مسألتان: أو هنا بحث المسألة في قطبين:
الأول: في النظر إلى النهي وقوته وشدته.
الأمر الثاني: فيما دخل هذا النهي وعمومه ومخصصاته، حديث النهي عمل بها جمهور العلماء، فقالوا بالنهي مطلقاً يعني الصلاة في هذه الأوقات، خلافاً للشافعية الذين قالوا: بفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، وبين هذه الأحاديث أعني أحاديث ذوات الأسباب وأحاديث النهي عموم وخصوص وجهي، ولا يصيب من يقول: أن العموم والخصوص مطلق، كما يذكر كثير من الناس حينما يتكلمون عن هذه المسألة فيقولون: أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، هذا الكلام ليس على إطلاقه، أحاديث النهي عامة في الصلوات، خاصة في الأوقات، وأحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات خاصة في الصلوات، فبين هذه النصوص عموم وخصوص وجهي، فليس قول من قال: إن أحاديث النهي مخصوصة بأحاديث ذوات الأسباب كما يقول الشافعية، ومن يقول بقولهم بأولى من قول من يقول: أن أحاديث ذوات الأسباب عامة مخصصة بالأوقات.