يقول: "ولم آخذ من كلام الشارحين صاحب (غاية المقصود) و (عون المعبود) إلا ما نقلاه عن أحدٍ من المتقدمين، لم آخذه مقلداً لمجرد قولهما دون أن أجده في كلام المتقدمين" أما ما يتعلق بتعصبه وتقريره للمذهب الحنفي فهو ظاهر في الكتاب، وقد أشار إليه في المقدمة صفحة (44) من الجزء الأول، يقول: "ومنها أني أذكر مذهب السادة الحنفية تحت حديثٍ يتعلق بمسألة فقهية، فإن كان الحديث موافقاً لهم فبها، وإلا ذكرت مستدلهم، والجواب عن الحديث وتوجيهه" يعني يجعل كلام الحنفية هو الأصل ثم يجيب عن الحديث، وعلى كل حال هو شرح مبسوط يستفاد منه في الكلام على الرواة، وبيان أحكام الأحاديث لا بأس به، وذكر المذاهب الفقهية؛ لكن الترجيح يمكن أن يستفاد من غيره.
بعد هذا كتاب المنهل العذب المورود، ألفه الشيخ محمود محمد خطاب السبكي، معاصر توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف، وشرح من أطول الشروح المتداولة، وأمتعها وأجمعها لمسائل الحديث وفوائده، لكنه لم يكمل، بل وصل إلى باب في الهدي في عشرة أجزاء، ثم قام ابنه أمين محمود خطاب بمواصلة شرحه إلى آخر كتاب النكاح، المنهج في شرح هذا الكتاب مشابه إلى حدٍ ما لطريقة العيني في عمدة القاري، يشرح الترجمة، يترجم لرجال الحديث، يشرح الكلمات، يشرح الترجمة بكلامٍ طيب وجيد، ويترجم لرجال الحديث ويطيل في التراجم، يشرح الكلمات، ويتوسع في شرحها، يذكر فقه الحديث ومذاهب الأئمة والفقهاء وأدلتهم، يهتم كثيراً بوصل ما علقه أبو داود، يُعنى بذكر لطائف الإسناد، يخرج الأحاديث تخريجاً لا بأس به في الجملة من الكتب المشهورة، منهج الابن مقارب لمنهج الأب، إلا أن الأب أطول نفساً في الشرح، والكتاب مطبوع ومشهور ومتداول.