والتحقيقات الشريفة.
فعلى هذا يكون قد اشترك في تأليف الكتاب اثنان، جاء في آخر الجزء الثامن من مقتصر شرح تهذيب سنن أبي داود لمحققه محمد حامد الفقهي خاتمة لا بد منها يقول: "وقد كان من أهم ما اعتمدت عليه في عملي في طبع مختصر السنن والتهذيب والمعالم عون المعبود؛ لأنه أجمع شرحٍ لسنن أبي داود، بل لعله أنفع شرحٍ للأحاديث مطبوع، وأوسعها إذا استثنينا فتح الباري"، لكن واقع الكتاب بخلاف هذا، الكتاب مختصر، سماه مؤلفه حاشية، وليس بشرحٍ مستوعب ومستقصي، هذا شرح مختصر، يشرح الحديث الواحد في صفحة أو صفحتين، فكيف يقال: أن هذا أوسع شرح للأحاديث مطبوع؟ لا، يعني باستثناء فتح الباري، يعني تجاهل الشروح الكبيرة لصحيح البخاري، يعني لا نسبة بينها وبين شرح العيني، شرح العيني أطول؛ لكن هذا الكتاب على كل حال الذي هو عون المعبود شرح لسنن أبي داود نافع، له مزايا يشرح الأحاديث بطريق المزج، يمزج كلمات المتن في الشرح، فيميز المهمل من الرواة، ويسمي المنسوب والمكنى، ويضبط ما يحتاج إلى ضبط، ثم يشرح الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى شرح، ثم يتكلم على فقه الحديث كل هذا باختصار، ثم يخرج الحديث معتمداً في تخريجه على كلام المنذري في المختصر.
ومع هذا فهو شرح مختصر لا يستوعب جميع الكلمات، ولا يعلق على رجال الحديث كلهم، إنما يكتفي بضبط بعض الأسماء أو تسمية بعض المكنين أو المنسوبين، يعنى ببيان صحة الحديث وضعفه؛ لكن لا عن اجتهاد إنما يعتمد في ذلك على غيره، وقد وصفه مؤلفه بأنه حاشية اجتنب فيها الإطالة، وقصد بيان معنى أحاديث السنن دون بحثٍ في ترجيح الأحاديث بعضها على بعض إلا على سبيل الاختصار، من غير ذكر أدلة المذاهب على وجه الاستيعاب إلا في المواضع التي دعت إليها الحاجة، يتميز الكتاب بأنه شرح كامل للسنن كلها من أولها إلى آخرها، يظهر فيه أيضاً إتباع المؤلف للنصوص، وليس فيه تعصب لأي مذهب من المذاهب، إنما يرجح على ما يقتضيه الحديث، وهو في هذا متأثر تأثر كبير بالشوكاني، أيضاً هو في المعتمد على طريقة أهل السنة والجماعة، يمر نصوص الصفات ويثبتها على ما يليق بجلال الله وعظمته، وهو أيضاً يرد على معظمي القبور ممن فتن بها، ويقرر السنة في كيفية وضع القبر، وكيفية الزيارة، كما في الجزء التاسع صفحة (36 و37) ينكر بعض البدع المنتشرة ...