قال القاضي عياض: "إن كتاب المعلم لم يكن تأليفاً استجمع له مؤلفه، وإنما هو تعليق ما تضبطه الطلبة من مجالسه وتتلقفه عنه" ولا شك أن المعلم بداية انطلاقة لشرح صحيح مسلم، وقد بدأت الشروح في الظهور من عصر المازري، ولم يعرف شيء منها قبل ذلك، فالمعلم هو أقدم الشروح التي وصلتنا الآن من شروح صحيح مسلم، من منهج المازري في المعلم أنه لم يتعرض لشرح المقدمة، مقدمة صحيح مسلم رغم أهميتها، لم يتعرض لشرحها، وإنما علق في مواطن ستة أو سبعة، وهي مواطن يسيرة بالنسبة لمباحث المقدمة، مما يمتاز به صحيح مسلم هذه المقدمة النفيسة في علوم الحديث، المازري ما شرحها، المازري في شرحه لأحاديث الباب، الباب عند الإمام مسلم يحتوي على أحاديث كثيرة، يقوم المازري -رحمه الله تعالى- بالتعليق على حديث أو حديثين في الباب يكون عليهما محور أحاديث الباب، ولا يتعرض لأكثر الأحاديث، لم يذكر -وهو باعتباره أنه تعليق وليس بتأليف- لم يذكر جميع الفوائد المتعلقة بالأحاديث التي تعرض لها، وإنما اقتصر على نكت يراها تحتاج إلى بيان في محال الحديث روايةً ودراية، وأكثر اهتمام المازري منصب على الأحكام الفقهية وتفسير الغريب واللغة، المازري لم يلتزم في تعليقاته ترتيب الأحاديث في صحيح مسلم، ولذا يقول القاضي عياض في إكماله: "وكان في المعلم تقديم وتأخير عن ترتيب كتاب مسلم" يورد أحياناً الألفاظ المختلفة بين رواة الصحيح، يُعنى بالمسائل الفقهية يستنبط من الحديث مباشرة، ولا يكثر من ذكر أقوال الفقهاء، يهتم بمسائل العقيدة التي اشتملت عليها بعض الأحاديث؛ لكن مع الأسف الشديد اعتماده على العقيدة من وجهة نظر الأشاعرة، ويرد على مخالفيهم أيضاً، ويأتي في المثال ما يقرر ذلك.
يُعنى بالمباحث اللغوي عناية كبيرة، والكتاب مطبوع في ثلاثة أجزاء صغيرة بتحقيق محمد الشاذلي النيفر. نأتي بما يتعلق بالمعلم من إكماله وإكمال إكماله، ومكمل الإكمال، ثم نرجع إلى النووي ومن بعده.