العيني يقصد في نقوله عن الحافظ هو لا يسميه، يبهمه، قال بعضهم، قال بعض الشراح، زعم بعضهم، ثم يتعقبه في مواطن كثيرة جداً، الكتاب مملوء من النقول عن ابن حجر والتعقبات والاستدراكات عليه، أجاب الحافظ ابن حجر عن هذه الاعتراضات وهذه الانتقادات بكتابٍ أسماه (انتقاض الاعتراض) وهو مطبوع في مجلدين، قال القسطلاني: "لكنه لم يجب عن أكثرها، ولعله كان يكتب الاعتراضات ويبيض لها ليجيب عنها فاخترمته المنية"، وله أيضاً -أي لابن حجر- (الاستنصار على الطاعن المعثار) وهو صورة فتيا عما وقع في خطبة شرح البخاري للعيني.
أيضاً هناك كتاب وهو نفيس ومؤلفه متأخر اسمه عبد الرحمن البوصيري المتوفى سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة وألف، اسمه (مبتكرات اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر) مجلد واحد، يذكر قول ابن حجر ثم يذكر رد العيني واعتراضه، ثم يحكم بما يراه صواباً، والكتاب جيداً، إلا أن الموضوع نفسه يحتمل أكثر من ذلك، يعني ثلاثمائة وثلاث وأربعين محاكمة بينهما في هذا الكتاب، والمحاكمات أكثر من ذلك، فيحتاج إلى تكميل وتتميم.
بقي عندنا شرح من أهم الشروح وهو (إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري) مؤلفه أحمد بن محمد بن أبي بكر شهاب الدين القسطلاني الشافعي المتوفى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، شرح كبير ممزوج، يعني شرح تحليلي في عشرة مجلدات كبار، افتتحه -رحمه الله- بمقدمة تتضمن فصولاً:
الفصل الأول: في فضيلة أهل الحديث وشرفه في القديم والحديث.
الفصل الثاني: في ذكر أول من دوّن الحديث والسنن، ومن تلاه في ذلك سالكاً أحسن السنن.
الفصل الثالث: في ذكر نبذة لطيفة جامعة لفرائد فوائد مصطلح الحديث عن أهله وتقسيم أنواعه.
الفصل الرابع: فيما يتعلق بالبخاري وصحيحه من تقرير شرطه وتحريره وضبطه وترجيحه على غيره. الفصل الخامس: في ذكر نسب البخاري ونسبته ومولده، وبدء أمره ونشأته وطلبه للعلم، ثم بعد ذلكم ذكر رواة الجامع الصحيح، وهو مرجع حقيقةً في ذكر الرواة وضبطهم وتشعب رواياتهم، ثم ذكر شروح الجامع الصحيح.