الحافظ -رحمه الله تعالى- ابتدأ تأليف الكتاب في أوائل سنة سبعة عشرة وثمانمائة على طريق الإملاء، يملي إملاءً، يمليه إملاءً، يعني في الجزء الثامن صفحة (463) يقول: "وقد كنت أمليت في أوائل كتاب الوضوء أن قصة الإفك وقعت قبل نزول الحجاب" وقد كنت أمليت، هذا يدل على أن الكتاب ألف بطريق الإملاء، ثم قال: "وهو سهو والصواب أنه بعد نزول الحجاب فليصلح هناك"، ابتدأ الحافظ -رحمه الله تعالى- تأليف الكتاب في أوائل سنة سبع عشرة وثمانمائة على طريق الإملاء، بعد أن كملت مقدمته في مجلدٍ ضخم في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وسبق منه الوعد للشرح ثم صار يكتب بخطه شيئاً فشيئاً، فيكتب الكراسة، ثم يكتبها جماعة من الأئمة، يمليها على جماعة من الأئمة لتراجع وتنقّح، ثم يكتبها جماعة من الأئمة المعتبرين، ويعارض بالأصل مع المباحثة في يومٍ من الأسبوع، وذلك بقراءة البرهان بن خضر، فصار السفر -يعني المجلد- لا يكمل منه إلا وقد قوبل وحرر إلى أن انتهى، بهذه الطريقة يملي الكراسة على جمع من الأئمة المعتبرين، يمليها عليهم ليراجعوها وينظروا فيها، ثم تقابل وتعارض بالأصل، ثم في يومٍ من الأسبوع تحصل المباحثة والمناقشة حول ما كتب، وهذا هو السر في تحرير هذا الكتاب وتنقيحه وضبطه وإتقانه، يقول: إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، سوى ما ألحقه فيه بعد ذلك فلم ينتهي إلا قبيل وفاته، ولما تمّ عمل مصنفه وليمةً عظيمة لم يتخلف فيها من وجوه المسلمين إلا نادراً، في يوم السبت ثاني شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وقرئ في المجلس الأخير، وهناك حضره الأئمة كالقاياتي والونائي والسعد الديري وغيرهم، يقول: وكان المصروف في الوليمة المذكورة نحو (500) دينار، فطلبه ملوك الأطراف بالاستكتاب واشتري بنحو ثلاثمائة دينار، وانتشر بالآفاق، الكتاب طويل لكن مملوء بالفوائد، واختصاره يخل به، وإن حصل من بعض العلماء أنهم اختصروه، فمختصر للشيخ أبي الفتح محمد بن حسين المراغي المتوفى سنة تسع وخمسين وثمانمائة، والشيخ فيصل بن عبد العزيز بن المبارك العالم النجدي المعروف قاضي الجوف له مختصر أسماه (لذة القاري مختصر صحيح البخاري) وله أيضاً