يقول: الرجاء ذكر ما تميّز به كل شرح من شروح البخاري عن غيره، فمن المعلوم أن هناك من تميّز بضبط أسماء الرواة وآخر في الأحكام وآخر في جمع الطرق .. الخ؟
هذا هو المقصود من هذه المحاضرات ومن هذه الدروس، وما تقدم بُيّن ووضّح، الكتب التي عرضت سابقاً بيّن فيها ما يمتاز بها كل كتاب، وكذلك الكتب اللاحقة، واليوم عن ثلاثة كتب هي في الحقيقة أهم شروح البخاري، ولعل الوقت يسعف بإكمال الحديث عنها.
فأولها: (فتح الباري شرح صحيح البخاري) للإمام الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، هذا الكتاب هو أعظم شروح البخاري، اللهم إلا أنه لو كمل شرح ابن رجب لكان منافساً له، يقع الكتاب في ثلاثة عشر مجلداً كباراً إضافةً إلى مقدمةً وافية في مجلد كبير أسماها مؤلفها (هدي الساري) المقدمة مرتبة على عشرة فصول.
الأول: في بيان السبب الباعث على تنصيف البخاري لكتابه.
والثاني: في بيان موضوعه والكشف عن مغزاه فيه، والكلام على تحقيق شرطه، وتقرير كونه من أصح الكتب المصنفة في الحديث، ويلتحق بذلك الكلام على تراجمه البديعة المنال، المنيعة المثال التي انفرد بتدقيقه فيها عن نظرائه، واشتهر بتحقيقه لها عن قرنائه.
الثالث: في بيان الحكمة في تقطيعه للحديث واقتصاره وفائدة إعادته للحديث وتكراره.
المعذرةً للإخوان يمكن يصير في السرد شيء من السرعة؛ لأن الكلام طويل، وهذه الكتب إن لم تكن هي بيت القصيد فهي من أهم المهمات.
الرابع: في بيان السبب في إيراده الحديث أو الأحاديث المعلقة والآثار الموقوفة مع أنها تباين أصل موضوع الكتاب، نعم أصل موضوع الكتاب للأحاديث المرفوعة لا للآثار الموصولة، لا للمعلقة ولا المقطوعة، المقصود أن هذا أصل موضوع الكتاب؛ لكن أردف ما جاء في أصله بما أثبته تبعاً لذلك من الموقوفات والمعلقات.
الخامس: في ضبط الغريب الواقع في متونه، مرتباً له على حروف المعجم بألخص عبارة وأخلص إشارة، لتسهل مراجعته ويخف تكراره.
السادس: في ضبط الأسماء المشكلة التي فيه، وكذا الكنى والأنساب.