أيضاً المفاضلة بين الشافعي وأحمد وابن قتيبة والخطابي في غريب الحديث لفتة من الحافظ ابن رجب -رحمه الله- يقول: إذا اختلف مثلاً الشافعي وأحمد في جهة، إذا كان الشافعي وأحمد في جهة وابن قتيبة والخطابي في جهةٍ أخرى مثلاً، يقول: "وقد نص على ذلك الشافعي وأحمد وهما أعلم بالسنة واللغة وبألفاظ الحديث ورواياته من مثل ابن قتيبة والخطابي ومن حذا حذوهما ممن يفسر اللفظ بمحتملات اللغة البعيدة"، نعم اللفظة الواحدة يكون لها معاني في اللغة كثيرة، فقد ينتقي مثل ابن قتيبة والخطابي معنىً من المعاني ينزع به ويرجحه فيظن أنه هو المراد في الحديث أو في الآية، لكن إذا وجد من يجمع بين اللغة وبين الفن المخصوص كالسنة مثلاً لا شك أن اختيار الإمام أحمد لبعض الألفاظ دون بعض، أو الإمام الشافعي لما تحتمله اللغة من معاني لا شك أنه يكون أرجح مما يختاره الذي علمه خاص باللغة.
محمد بن سلام شيخ الإمام البخاري يقول: الصواب بالتشديد معروف عند أهل المصطلح قاطبةً أن كل ما جاء في الصحيحين من سلام فهو بالتشديد إلا خمسة، فذكروا منهم هذا أنه بالتخفيف، ذكروا منهم محمد بن سلام وعبد الله والد عبد الله بن سلام قالوا: أنهما بالتخفيف ومعهم ثلاثة، لكن ابن رجب -رحمه الله تعالى-يصوب التشديد، وله فيه مصنف في رسالةٍ خاصة.
يقول: "لا يجوز تفسير الحديث إلا بما قاله أئمة العلماء الذين تلقوا العلم عمن قبلهم" .. إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يمكن استيفاؤها واستقصاؤها، والكتاب مطبوع في عشرة أجزاء في إحدى طبعتيه، والأخرى في سبعة، والطبعة الثانية، طبعة المجموعة ثمانية أشخاص قاموا بتحقيقه طبعة جيدة لا بأس بها، الطبعة الأخرى طبعة طارق عوض الله أنا ما اطلعت عليها، إنما رأيتها لكن لم أعتنِ بها لسبق هذه فقرأتها كلها هذه، وعرفت قيمتها، وأنها جيدة في الجملة، وإن كان طارق عوض الله له يد في هذا الشأن، وهو من أهل التحري في التحقيق.