وينظروا المسائل ليسهل فهمها وحفظها على الطلبة ليتعلموا ويتمرنوا عليها، فإذا تأهلوا وصارت لديهم أهلية النظر في أقوال المتقدمين عليهم أن يقتدوا بهم ويسلكوا مسلكهم، وإلا إذا قلنا للطالب المبتدئ: عليك بتقليد المتقدمين وانبذ قواعد المتأخرين، ثم وقف على حديث: ((لا نكاح إلا بولي)) الإمام أحمد له رأي، الإمام البخاري له رأي، أبو حاتم له رأي، الدارقطني له رأي، يقلد مَن مِن المتقدمين؟ يتبع مَن مِن المتقدمين؟ أحكام المتقدمين مبنية على القرائن، لا يحكمون بأحكامٍ عامة مطردة، الإمام البخاري حكم بوصل حديث: ((لا نكاح إلا بولي)) بناءً على القرائن التي قامت وأدت إلى ترجيح الوصل على الإرسال، غيره حكم بالإرسال؛ لأن من أرسله كما يقول الحافظ العراقي كالجبل شعبة وسفيان، متى يصل الطالب المبتدئ إلى الحكم بالقرائن؟ هذا دونه خرط القتاد، حتى يتأهل، إذا تأهل هو المطلوب، يعني تقليد الرجال في الدين أمر غير مرغوب فيه، نعم هو فرض العوام وأشباه العوام، لكن طالب العلم المتأهل عليه أن يربى بنفسه عن هذا.
على كل هذه لفتة يسيرة فالحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- عنايته بتعليل الأحاديث، والترجيح بين اختلاف الرواة بالقرائن على طريقة المتقدمين، وهو أهل لذلك، بل هو من أئمة هذا الشأن، ومن مقعديه ومنظريه، ويعتني أيضاً بفروق الروايات بين رواة الجامع الصحيح، وينبه عليها، لا سيما ما يترتب على ذكره فائدة، وقد وقفت على ألفاظٍ نبه عليها الحافظ ابن رجب اختلفت فيها الرواة مما فات اليونيني رغم عنايته بالصحيح ورغم إتقانه لرواياته، وبهذا يمتاز شرح الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-، يُعنى الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- بتخريج الأحاديث من المصادر الحديثية المختلفة، الصحاح والمسانيد والأجزاء والفوائد والمستخرجات والمشيخات والفوائد وغيرها.