بعد هذا نبدأ بالشرح الثالث وهو شرح الزركشي، شرح الزركشي اسمه (التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح) مؤلفه الشيخ محمد بن عبد الله بدر الدين الزركشي الشافعي المتوفى سنة أربعة وتسعين وسبعمائة، الشرح ناقص لم يكمل، وصل فيه مؤلفه إلى آخر باب الشروط في الوقف، ومع ذلكم مختصر جداً، هذا نصف الشرح، يعني ثلاثة أجزاء في مجلد واحد نصف الشرح، ولولا أن المتن مطبوع بحرف كبير لجاء الشرح كله بهذا الحجم، قصد مؤلفه فيه كما ذكر في مقدمته: إلى إيضاح ما وقف في الصحيح من لفظٍ غريب أو إعرابٍ غامض أو نسب عويص، أو راوٍ يخشى في اسمه التصحيف، أو خبرٍ ناقص تعلم تتمته، أو مبهم تعلم حقيقته، أو أمرٍ وهم فيه، أو كلام مستغلق يمكن تلافيه، أو تبيين مطابقة الحديث للتبويب، والمشاكلة على وجه التقريب، يقول: "منتخباً من الأقوال أصحها وأحسنها، ومن المعاني أوضحها وأبينها، مع إيجاز العبارة والرمز بالإشارة، فإن الإكثار داعية الملال، وذلك لما رأيت من ناشئة العصر حين قرأته من التقليد للنسخ المصححة، ربما لا يوقفون لحقيقة اللفظ فضلاً عن معناه، وربما يتخرص خواصهم فيه، ويتبجح بما يظنه ويبديه، وربما لو أن المنصف لو كشف عما أشكل لا يجد ما يحصل الغرض إلا ملفقاً من تآليف، أو مفرقاً من تصانيف، وأرجو أن هذا الإملاء يريح من تعب المراجعة والكشف والمطالعة مع زيادة فوائد تحقيق المقاصد، ثم يقول: ويكاد يستغني به اللبيب عن الشروح؛ لأن أكثر الحديث ظاهر لا يحتاج إلى بيان، وإنما يشرح ما يشكل"، يقول: "وسميته بـ (التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح) ومن أراد استيفاء طرق الشرح على الحقيقة فعليه بالكتاب المسمى بـ (الفصيح في شرح الجامع الصحيح) أعان الله على إكماله".