من شروح الموطأ النفيسة (المنتقى) مؤلفه أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي الباجي المالكي المتوفى سنة أربع وسبعين وأربعمائة، والكتاب شرح متوسط يعني ليس مثل التمهيد أو الاستذكار، ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، ذكر في مقدمته أنه اختصره من كتابه المبسوط الموسع المسمى (الاستيفاء) لتعذر درسه على أكثر الناس، يقول: أكثر الناس لا يستطيعون أو لا يصبرون على معاناة مثل هذه المطولات جداً مثل الاستيفاء.
اقتصر في المنتقى على الكلام على معاني ما يتضمنه الحديث من الكلام على الفقه مربوطةً بما يتعلق بها في أصل كتاب الموطأ ليكون شرحاً وتنبيهاً على ما يستخرج منه من المسائل، هذا كلامه، يشير إلى الاستدلال على تلك المسائل والمعاني التي يجمعها وينصها مما يخف ويقرب؛ ليكون ذلك حظ من ابتدأ بالنظر في هذه الطريقة من كتاب الاستيفاء إن أراد الاقتصار عليه، وعوناً له إن طمحت همته إليه، يعني إن أراد الاقتصار على المنتقى يكفيه، لكن إن طمح إلى كتاب الاستيفاء يكون المنتقى توطئة وتمهيد ودرجة يمكن أن يصعد بواسطتها إلى الاستيفاء.